مُدَّكِرٍ (١٧)} يعني: مِنْ ذاكِرٍ يَذْكُرُهُ، وقارِع يَقْرَؤُهُ، ومعناه الحَثُّ على قراءة القرآن ودَرْسِهِ وتَعَلُّمِهِ.
قوله:{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ} يعني: على قوم هود {رِيحًا صَرْصَرًا} وهي الدَّبُورُ، والصَّرْصَرُ: الرِّيحُ الشدِيدةُ البارِدةُ (١)، قيل (٢): كانت الريح تَمُرُّ على الرّاعِي فتحمله مع غَنَمِهِ، وتَمُرُّ على العَرُوسِ وهي في خِدْرِها فتحملها {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩)} دائِمِ الشُّؤْمِ، اسْتَمَرَّ عليهم بِنُحُوسِهِ، قيل (٣): كان فِي يوم الأربعاء آخرَ الشهر، وكان القمر منحوسًا بِزُحَلَ، واستمرت الريح لا تَفْتُرُ عنهم سَبْعَ لَيالٍ وثَمانِيةَ أيّامٍ حُسُومًا دائمةً {تَنْزِعُ النَّاسَ} يعني الريحُ، تَنْزِعُ أرْواحَ الناس؛ أي: تقطعها عن أجسامها فَتَصْرَعُهُمْ.
ثم شَبَّهَهُمْ فقال: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠)} شَبَّهَهُمْ بالنخل لِطُولِهِمْ، يقال: قَعَرَتْهُ الرِّيحُ: إذا ألْقَتْهُ على الأرض، وانْقَعَرَتِ النَّخْلةُ من أصلها: إذا سَقَطَتْ (٤)، وقوله:"مُنْقَعِرٍ"؛ لأن النخل يُؤَنَّثُ ويُذَكَّرُ، يقال: هذا نَخْلٌ، وهَذِهِ نَخْلٌ، فـ {مُنْقَعِرٍ} على لغة من قال: هذا نَخْلٌ، ومن قال: هذه نَخْلٌ فدليله قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}(٥)، وأعْجازٌ جمع عَجُزٍ، وهو مُؤَخَّرُ الشَّيْءِ.
(١) قاله الزجاج وابن قتيبة، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤٣٢، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٨٨، وهو قول قتادة والضحاك أيضًا، ينظر: تهذيب اللغة ١٢/ ١٠٦، غريب القرآن للسجستانِي ص ١٥٠، تفسير القرطبي ١٧/ ١٣٥. (٢) ينظر: شفاء الصدور ورقة ٨٠/ أ. (٣) قاله جعفر بن محمد، ينظر: شفاء الصدور ورقة ٨٠/ أ. (٤) قاله ابن السكيت فِي إصلاح المنطق ص ٢٤٧، وينظر: شفاء الصدور ورقة ٨٠/ أ، تهذيب اللغة ١/ ٢٢٨، اللسان: قعر. (٥) الحاقة ٧، وتأنيث النسخل لغة أهل الحجاز كما ذكر الفراء في المذكر والمؤنث =