قوله: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)}؛ أي: ما هذا القرآن إلا وَحْيٌ من اللَّه تعالى، يأتِي به جبريلُ محمدًا -عليهما السلام-، وهو قوله: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥)} يعني جبريل عليه السّلام عَلَّمَ محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم-.
والقُوَى: جمع قُوّةٍ، وحَكَى الفَرّاءُ أنه يُقْرَأُ:"شَدِيدُ الْقِوَى" بكسر القاف (٣)، ولأن "فِعْلةً" و"فُعْلةً" يتضارعان (٤)، وأصل القُوَى من قُوَى الحَبْلِ، وهي طاقاتُهُ، واحدتها قُوّةٌ.
قوله: {ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦)} يعني جبريل عليه السّلام؛ أي: هو ذُو قُوّةٍ
(١) هذا على مذهب الكوفيين وبعضِ البصريين في أن حروف الخفض ينوب بعضها عن بعض، وقد تقدم مثل هذا في عدة مواضع، وينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٩٥، مجاز القرآن ٢/ ٢٣٦، معانِي القرآن للأخفش ص ٤٦، أدب الكاتب ص ٣٩٩، تأويل مشكل القرآن ص ٥٦٩. (٢) تقدم برقم ٥٧، ١/ ٣٨٧. (٣) المقصور والممدود للفراء ص ٤٥، وقال الأخفش: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} جماعة القُوّةِ، وبعض العرب يقول: حُبْوةٌ وحِبًى، فينبغي أن يقول: القِوَى فِي ذا القياسِ". معانِي القرآن ص ٤٨٦، ولَمْ يذكر سيبويه أن "فُعْلةً" يجمع على"فِعَلٍ"، ينظر: الكتاب ٣/ ٥٧٩ - ٥٨١، وقد قرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمِيِّ: "القِوَى" بكسر القاف، ينظر: ليس في كلام العرب لابن خالويه ص ١٦٤، وقال ابن دريد: "القُوّةُ: قُوّة الإنسان والدّابّةِ، والجمع قُوًى وقِوًى، وقد قُرِئَ بهما جميعًا". جمهرة اللغة ص ٢٤٥، ٩٨٠، وينظر أيضًا: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٢٦٥. (٤) قاله النحاس فِي إعراب القرآن ٤/ ٢٦٥.