قوله تعالى:{وَاسْتَمِعْ} يعني صَيْحةَ النَّفْخةِ لِيَقُومُوا {يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ} وهو إسرافيل عليه السّلام، ينادي بالحشر فيقول: يا أيها الناس! هَلُمُّوا إلى الحِسابِ {مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (٤١)} قيل: من صخرة بيت المقدس، ينادي: أيَّتُها اللُّحُومُ المُتَمَزِّقةُ، والأوْصالُ المُتَفَرِّقةُ، والشُّعُورُ السّاقِطةُ، قومِي إلَى رَبِّكِ لِيُجازِيكِ بِعَمَلِكِ، قرأ نافع وأبو عمرو:"المُنادِي" بياء في الوصل فقط، وقرأ الباقون بحذفها فِي الحالين، إلّا ابن كثير فإنه يُثْبِتُ الياءَ في الحالين (١).
ومعنى "واسْتَمِعْ"؛ أي: وقِفْ، إذِ المراد: واذْكُرْ واسْتَمِعْ هذا الكلامَ يا محمد! وهو صفة لـ "يَوْمَ"، ومعنى "قَرِيبٍ": أدْنَى وأقْرَبُ مكانٍ من الأرض إلى السماء بثمانيةَ عَشَرَ مِيلًا، وهي صخرة بيت المقدس. قال صاحب "إنسان العين"(٢): ورَوَى الواحِدِيُّ عن الكَلْبِيِّ أنه قال: هي أقْرَبُ من الأرض إلى السماء بِاثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا (٣).
وقوله:{يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ}؛ أي: بالبعث أنه كائِن حَقًّا، و {يَوْمَ} نصب على البدل من الأول، وقوله: {ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (٤٢)} من القبور، وهو
= ثم أوْرَدَ الفارسيُّ الأمثلةَ التي ذكرها سيبويه ثم قال: "وكذلك يُقَدَّرُ في قوله: وَقْتَ إدْبارِ السُّجُودِ، إلا أن المضاف المحذوف في هذا الباب لا يكاد يظهر، ولا يُسْتَعْمَلُ، فهذا أدْخَلُ في باب الظروف مِنْ قَوْلِ مَنْ فَتَحَ". الحجة ٣/ ٤١٦، وينظر أيضًا: الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٢٨٥، ٢٨٦، البحر المحيط ٨/ ١٢٨، الدر المصون ٦/ ١٨٢. (١) قرأ نافع وأبو عمرو وأبو جعفر: "المُنادِي" باثبات الياء في الوصل فقط، وقرأ ابن كثير ويعقوب وابن محيصن بإثباتها وصلًا ووقفًا. ينظر: السبعة ص ٦٠٧، معانِي القراءات ٣/ ٢٩٢، الحجة للفارسي ٣/ ٤١٦، ٤١٧، البحر المحيط ٨/ ١٢٩، النشر ٢/ ٣٧٦، الإتحاف ٢/ ٤٩٠. (٢) عين المعانِي ورقة ١٢٦/ أ. (٣) الوسيط للواحدي ٤/ ١٧٢.