قوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (٤٠)} قولان، قيل: أراد النَّوافِلَ؛ لأن الآية عامّةٌ، فهي على العُمُومِ، إلّا أن يقع دليلٌ، وقيل: هما ركعتان بعد المغرب، رَوَى ذلك ابنُ عباس عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (١).
قرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم والكسائي:{وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} بفتح الهمزة، جعلوه جمع دُبْرٍ بمعنى خَلْفَ، وقرأ الباقون:"وَإدْبارَ" بالكسر (٢)، جعلوه مصدر أدْبَرَ الشَّيءُ إدْبارًا: إذا وَلَّى، وأجمعوا جميعًا على الكسر في:{وَإِدْبَارَ النُّجُومِ}(٣)، وقيل: من قرأ بنصب الألف فنَصْبُهُ على أنه اسم أُقِيمَ مُقامَ الظَّرْفِ، ومن قرأ بخفض الألف فنَصْبُهُ على الظَّرْفِ؛ لأن معناه: خَلْفَ السُّجُودِ (٤).
(١) روى الحاكم بسنده عن ابن عباس عن النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الركعتان قبل صلاة الفجر إدْبارُ النجوم، والركعتان بعد المغرب أدْبارُ السجود". المستدرك ١/ ٣٢٠ كتاب صلاة التطوع: باب الركعتين قبل صلاة الفجر، ورواه ابن أبِي شيبة عن عَلِيِّ وعُمَرَ وأبِي هريرة في المصنف ٢/ ٤٠ - ٤٠٥، ورواه الترمذي في سننه ٥/ ٦٧ أبواب تفسير القرآن: سورة الطور. (٢) قرأ بكسر الهمزة: ابنُ عباس وابن كثير ونافع وحمزة وخلف وابن محيصن وأبو جعفر وشيبة وعيسى بن عمر والأعمش وشبل وطلحة، ينظر: السبعة ص ٦٠٧، معانِي القراءات ٣/ ٢٧، الحجة للفارسي ٣/ ٤١٦، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٦، البحر المحيط ٨/ ١٢٨، الإتحاف ٢/ ٤٨٩. (٣) الطور ٤٩. (٤) على كلتا القراءتين هو منصوب على الظرفية بتقدير مضاف؛ أي: وَقْتَ أدْبارِ السُّجُودِ، أو وَقْتَ إدْبارِ السُّجُودِ، قال سيبويه: "هذا باب ما يكون فيه المصدر حِينًا لِسَعةِ الكلام والاختصار، وذلك قولك: مَتَى سِيرَ عَلَيْهِ؛ فيقول: مَقْدَمَ الحاج، وخُفُوقَ النَّجْمِ، وخِلَافةَ فُلَانٍ، وصَلاةَ العَصْرِ، وإنما هو: زَمَنَ مَقْدَمِ الحاجِّ، وحِينَ خُفُوقِ النَّجْمِ، ولكنه على سَعةِ الكلام والاختصار". الكتاب ١/ ٢٢٢. وقال الفارسي: "والمصادر تُجْعَلُ ظُرُوفًا على إرادةِ إضافةِ أسْماءِ الزمانِ إليها وحَذْفِها"، =