عَزَّ وَجَلَّ أنْ قَدْ غَفَرَ لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال:"أفلا أكون عبدًا شكورًا؟ "(١).
قوله تعالى:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ} يعني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- {شَاهِدًا} يريد: على هذه الأمة بالرسالة {وَمُبَشِّرًا} لهم بالنصر في الدنيا، والجنةِ في الآخرة {وَنَذِيرًا (٨)} تُخَوِّفُ النارَ، وقيل: مبشرًا بالجنة للمطيعين ونذيرًا بالنار للعاصين، والنذير من اللَّه: المُعْلِمُ المُخْبِرُ، وهي (٢) منصوبة على الحال من الكاف في "أرْسَلْناكَ"، والعامل فيها "أرْسَلَ" كما أنه هو العامل في صاحب الحال (٣).
قوله:{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ} يعني: لتصدقوا باللَّه أنه واحد لا شريك له {وَرَسُولِهِ} محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- {وَتُعَزِّرُوهُ}؛ أي: تُعَظِّمُوهُ وتَنْصُرُوهُ وتُعاوِنُوهُ على أمْرِهِ كُلِّهِ، والتعزير: النُّصْرةُ بالسيف واللسانِ (٤){وَتُوَقِّرُوهُ} يعني: تُعَظِّمُوا النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وتُبَجِّلُوهُ، وهاهنا وقف تام، ثم قال فِي التقديم:{وَتُسَبِّحُوهُ} يعني:
(١) رواه الإمام أحمد في المسند ٤/ ٢٥١، ٢٥٥، ٦/ ١١٥، والبخاري في صحيحه ٢/ ٤٤ كتاب الكسوف: باب التهجد بالليل، ٦/ ٤٤ كتاب تفسير القرآن: سورة الفتح، ٧/ ١٨٣ كتاب الرقاق: باب الصبر عن محارم اللَّه، ومسلم في صحيحه ٨/ ١٤١، ١٤٢ كتاب صفة القيامة والجنة والنار: باب إكثار الأعمال. (٢) يعني "شاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا" ثلاثتها. (٣) وهي أحوال مُقَدَّرةٌ؛ أي: مُسْتَقْبَلةٌ، قال الزجاج: "فقوله: "شاهِدًا" حال مُقَدَّرةٌ؛ أي: يكون يوم القيامة، والبشارة والإنذار حالٌ يكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مُلابسًا لها في الدنيا لِمَنْ شاهَدَهُ فيها من أمته، وحالٌ مقدرةٌ لمن يأتِي بعده من أمته إلى يوم القيامة مِمَّنْ لَمْ يشاهده". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢١، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣١٠، البيان للأنباري ٢/ ٣٧٧. (٤) هذا القول حكاه أبو عمر الزاهد عن ثعلب في ياقوتة الصراط ص ٤٧١، وحكاه الأزهري عن ثعلب عن ابن الأعرابي في تهذيب اللغة ٢/ ١٣٠.