وهو منصوب على المصدر على سبيل الدعاء، يقال لِمَنْ دُعِيَ عليه بالشر والهَلَكةِ: تَعِسَ يَتْعَسُ تَعْسًا: إذا عَثَرَ وانْكَمث (١)، وقيل: هو نصب بإضمار فعل تقديره: ألْزَمَهُم اللَّهُ تَعْسًا، وقيل: نصب على المَذَمّةِ، نحو قوله:{مَلْعُونِينَ}(٢)، قال ابن عباس: يريد: في الدنيا العَثْرةُ، وفي الآخرة التَّرَدِّي فِي النار.
قوله: {وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (٨)}؛ أي: أبْطَلَها؛ لأنها كانت في طاعة الشيطان، خاليةً عن الإيمان، وقد تقدم نظيرها في أول السورة (٣).
قوله:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} يعني كفار مكة {فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (١٠)} الآية، ونصب {فَيَنْظُرُوا} على جواب الجحد، وقد تَقَدَّمَ تفسيرُ نظيرِها في سورة الحج (٤).
قوله تعالى:{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ}؛ أي: وكم من قرية قد مضت {هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً} يعني: أشد بطشًا وأكثر عددًا {مِنْ قَرْيَتِكَ}؛ يعني مكة {الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} أهْلُها، يعني أهل مكة حين أخرجوا محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- منها، فكنى بالقرية عن الرجال، ولهذا قال:{أَهْلَكْنَاهُمْ} ولَمْ يقل: أهلكناها، قال مقاتل: أُهْلِكُوا بالعذاب حين كَذَّبُوا رَسُولَهُمْ {فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (١٣)}؛ أي: لَمْ يكن لهم ناصر يمنعهم من عذاب اللَّه.
= أساس البلاغة: لعو، الكشاف ٣/ ٥٣٢، المحرر الوجيز ٥/ ١١٢، الفريد للهمداني ٤/ ٣٠٧، عين المعانِي ورقة ١٢٣/ أ، تفسير القرطبي ٦/ ٣٥٨، ١٦/ ٢٣٢، اللسان: تعس، لعا، لوث، البحر المحيط ٨/ ٧١، الدر المصون ٦/ ١٤٨، التاج: لوث، تعس، لعا. (١) هذا القول حكاه الواحدي عن المبرد في الوسيط ٤/ ١٢١. (٢) الأحزاب الآية ٦١، وانظر ما سبق ٢/ ١٣٨. (٣) الآية الأولَى ٣/ ٦٩. (٤) الآية ٤٦، وينظر ١/ ٢٥٧.