على القطع، وهو قول الأخفش (١)؛ لأن قوله:"كِتابُ مُوسَى" معرفة بالإضافة، والثالث -وهو قول أبِي عبيدة- (٢): أن فيه إضمارًا، مجازه: أنزلناه وجعلناه إمامًا ورحمة.
قوله:{وَهَذَا كِتَابٌ} خبره، و {مُصَدِّقٌ} نعته، وقوله:{لِسَانًا عَرَبِيًّا} منصوب على الحال، المعنى: مصدق لِما بين يديه، وذِكْرُ اللسانِ تَوْكِيدٌ، كما تقول: جاءنِي زيدٌ رَجُلًا صالِحًا، فتذكر رَجُلًا توكيدًا (٣).
وقيل (٤): أعْنِي لِسانًا، وقيل (٥): بلسان {لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} يعني كفار مكة، ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية {وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢)} بالجنة، يعني المُوَحِّدِينَ.
قرأ أهل المدينة والشام والبَزِّيُّ ويعقوبُ وأيوبُ:"لِتُنْذِرَ" بالتاء، وهو
(١) المراد بالقطع هنا النصب على الحال كالقول السابق للكسائي والزجاج، ولكن الأخفش يجعله حالًا من "كِتابُ مُوسَى"، فقد قال: "وقال: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً}، نصب لأنه خَبَرُ مَعْرِفةٍ". معانِي القرآن ص ٤٧٨، وخبر المعرفة يعني به الحال. (٢) لَمْ أقف على هذا القول في مجاز القرآن، وإنما ذكره الثعلبي في الكشف والبيان ٩/ ١٠. (٣) هذا قول الزجاج والأخفش الأصغر والنحاس والنقاش، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤٤١، معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٤٤٦، إعراب القرآن ٤/ ١٦٢، شفاء الصدور ورقة ١٦/ أ، ويعني بقوله: "وذِكْرُ اللسانِ توكيدٌ" أن اللسان حال مُوَطِّئةٌ، وصاحب الحال هو الضمير في "مُصَدِّقٌ"، وأجاز مَكِّي أن يكون حالًا من "كِتابٌ"، وإن كان نكرة لأنه نُعِتَ، فَقَرُبَ من المعرفة. ينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٩٩، وبه قال الزمخشري في الكشاف ٣/ ٥٢٠، وينظر أيضًا: البيان للأنباري ٢/ ٣٦٩. (٤) قاله الأخفش فِي معانِي القرآن ص ٤٧٨. (٥) يعني أنه منصوب بِنَزْعِ الخافض، وقد ذكره الثعلبي بغير عزو في الكشف والبيان ٩/ ١٠، وينظر: تفسير القرطبي ١٦/ ١٩١، البحر المحيط ٨/ ٦٠، الدر المصون ٦/ ١٣٧.