وعلّته الجهل بحال سعيد، فإنها لا تُعرف، فأما أبوه غزوان، فإنه لا يُعرف مذكورًا، فإنّ ابنه وإن كانت حاله لا تُعرفُ، فقد ذُكِرَ وتُرجم باسمه في مظانٌّ ذِكْرِه وذكر أمثاله، وذكر بما يُذكر به المجهولون (١).
وإلى هذا، فإنّ في الحديث أيضًا وهم، وهو نسبة المرور إلى غزوان والد سعيد (٢)، وهو إذا كان كذلك يسقط منه واحدٌ، عنه أخَذَ ذلك غزوان المذكور، ويتبين ذلك بالوقوف على نص ما أورد فيه أبو داود.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني وسليمان بن داود، قالا: حدثنا ابن وهب، حدثنا معاوية بن صالح، عن سعيد بن غزوان، عن أبيه، أنه نَزَل بتبوك وهو حاج، فإذا رجلٌ مُقعَدٌ فسأله عن أمْرِه، فقال له: سأحدثك حديثًا، فلا تُحَدِّثْ به ما سمعت إني حي: إنَّ رسول الله ﷺ هـ نزل بتبوك إلى نخلة، فقال:«هذه قِبْلَتُنَا»، ثم صلّى إليها، فأقبلت وأنا غلام أسعى حتى مررتُ بينه وبينها، فقال:«قَطَع صَلاتَنَا، قَطَعَ اللهُ أَثَرَهُ»، فما قمت عليهما (٣) إلى يومي هذا.
هذا نص الخبر عند أبي داود، فغَزْوَانٌ فيها تابعي، وجعله أبو محمد في سياقه صحابيا صاحب القصة.
والحديث في غاية الضعفِ ونكارة المتن، فإنّ دُعاءَهُ ﵇ لِمَنْ ليس له بأهل؛ زكاة ورحمة (٤)، فاعلم ذلك.
(١) قد ترجم لسعيد بن غزوان البخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٥٠٥) ترجمة رقم: (١٧٨٢)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٤/ ٥٤) ترجمة رقم: (٢٣٩)، وذكره ابن حبان في ثقاته (٦/ ٣٥٤) ترجمة رقم: (٨٠٧٨)، وقالوا جميعًا: روى عنه الحارث بن عبيدة الكلاعي، وزاد المزي في تهذيب الكمال (١١/ ٣١) ترجمة رقم: (٢٣٤٠) أنه روى عنه أيضًا معاوية بن صالح الحضرمي الراوي عنه هذا الحديث. وقال عنه الحافظ في التقريب (ص ٢٤٠) ترجمة رقم: (٢٣٧٨): «مستور، وقال عن أبيه غزوان الشامي: مجهول». ينظر: تقريب التهذيب (ص ٤٤٢) ترجمة رقم: (٥٣٥٥). (٢) في بيان الوهم والإيهام (٢/ ٦٤): «والمراد الآن منه بيان الوهم فيه بنسبة المرور إلى غزوان والد سعيد»، وهذا التغيير الطفيف في الألفاظ إنما استلزمه جمع وترتيب العلامة مغلطاي لكتاب بيان الوهم والإيهام، فهو إنما جمعه من ثلاثة مواضع منه. (٣) كذا في النسخة الخطية كما في بيان الوهم والإيهام (٢/ ٦٥): «عليهما» بالتثنية، وفي سنن أبي داود: «عليها» بالجمع. (٤) يشير الحافظ ابن القطان بذلك إلى أن المتن منكر لمخالفته ما أخرجه مسلم في صحيحه،