بالنظر إلى الفترة الزَّمنية التي وُلد ونشأ فيها الحافظ علاء الدين مُغلطاي، وهي مطلع القرن الثامن الهجري، يظهر لنا مدى تأثير الأحوال السياسية، والحركة العلمية في تبلور شخصيته العلمية والفكرية.
فكما هو معلوم فإنّ لطبيعة البيئة السياسية والعلمية أثرًا في تكوين شخصية الإنسان، فمُقوِّمات شخصية الفرد إنما تقوم على مجموعة من الصفات، منها ما يكون وراثيًا، ومنها ما يكون مُكْتَسبًا، وكلُّ ذلك لا ينفك عن أن يؤثر تأثرًا مباشرًا بالبيئة التي يعيش فيها الإنسان، فأثر البيئة السياسية بما يسودها من أحوال ومُتغيرات أو استقرار، شأنه في ذلك شأن أثر الحركة العلمية آنذاك، كل ذلك من شأنه أن يؤثر في توجيه شخصية الأفراد، ومن هنا قيل: إنّ الإنسان ابن بيئته، بكل ما لها من أبعاد، سواءٌ في ذلك البُعد الفكري والعلمي أو السياسي بكل ما يُحيط به من ظروف وأحوال.
ومن هنا تولَّد اهتمام الباحثين بدراسة الأوضاع السياسية والحركة الفكرية السائدة في عصر بعض العلماء، لتكون بذلك مفتاحًا يَلِجُ الباحث من خلاله إلى عالم شخصية كلّ واحد، والتعرف على العوامل المؤثرة فيها.
وبالعودة إلى عصر الحافظ علاء الدين مُغلطاي، الذي اتفق أنه ضم مجموعة كبيرة من العلماء المبرِّزين، والأئمة المجتهدين، الذين أسهموا في نشوء وتطور الحركة العلمية والفكرية في هذا العصر، وفي بلورة شخصية الحافظ علاء الدين مُغلطاي على ما سيأتي الحديث عنه، ولكن قبل ذلك أرى من المفيد هنا الوقوف على طبيعة الحالة السياسية التي وُلد ونشأ فيها ولو بإيجاز.
فقد ذكرت فيما سلف أن الحافظ علاء الدين مُغلطاي قد عاش في مصر، في الفترة الممتدة ما بين عام (٦٨٩ هـ) سَنَة ولادته، حتى وفاته التي كانت في عام