٣ - أنه نقل في شرحه لسنن ابن ماجه، عن ابن حزم قوله بطهارة المني، سواء كان في الماء أو في الجسد أو في الثوب، ولا تجب إزالته، والبزاق بمثله لا فرق (١). وهذا القول من ابن حزم يخالف ما عليه مذهب الحنفية من القول بنجاسة المني (٢)، ولكن الحافظ مغلطاي لم يرد عليه أو يتعقبه بشيء، مع ما عُرف عن ابن حزم من معارضته لمذهب الحنفية والردّ عليه كثيرًا، وهذا كله يدل على عدم تعصبه لمذهبه الحنفي.
٤ - أنه صرح بخطأ أتباع المذهب الحنفي في مسألة ترك رفع الأيدي في الصلاة إلا عند افتتاحها، فقال:«وأما استدلال بعض الحنفية بحديث جابر بن سمرة، من عند مسلم: «مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ، كَأَنَّهَا أَذْنَابُ [خَيْلٍ] شُمْسٍ»(٣)، فليس بصحيح؛ لأنه إنما كان ذلك حالة السلام فيما ذكره البخاري وغيره» (٤)، وهذا صريح منه ﵀ في اتباع الدليل، وترجيحه على فهم خاطئ تبناه أتباع مذهبه الحنفي.
[المطلب الخامس مكانته العلمية، وملامح منهجه العلمي]
كان الحافظ مغلطاي رحمة الله عليه حريصًا على العلم منذ صغره، فقد بدأ في طلبه منذ وقت مبكر، يتبين ذلك من رحلته إلى الشام وهو شاب صغير، ومن مسموعاته في سنّ مبكرة، ومن شيوخه الذين أدركهم وأخذ منهم. كما أنه أقبل على طلب العلم بنفسه، وكان حريصًا على تحصيله ومذاكرته، منهمكًا فيه جل وقته،
(١) المصدر السابق، كتاب الطهارة، باب فرك المني من الثوب (ص ٥٩٠). (٢) جاء في مختصر القدوري (ص ٢١): «والمني نجس، يجب غسل رطبه، فإذا جف على الثوب؛ أجزأ فيه الفرك». (٣) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة، والنهي عن الإشارة باليد، ورفعها عند السلام، وإتمام الصفوف الأول، والتراص فيها، والأمر بالاجتماع (١/ ٣٢٢) الحديث رقم: (٤٣٠)، من طريق الأعمش، عن المُسَيَّب بن رافع، عن تميم بن طَرَفَة، عن جابر بن سمرة، قال: «خرج علينا رسول الله ﷺ، فقال؛ … » وذكره. (٤) الإعلام بسنته ﷺ، وهو شرح لسنن ابن ماجه، كتاب الصلاة، باب رفع اليدين إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع (ص ١٤٧٤)، وما بين الحاصرتين ساقط منه، استدركته من صحيح مسلم (١/ ٣٢٢).