ثم ذكر ﵀ أنه لا يحل لأحد أن يظن بي غير ما بينته، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: ١٢]، وقال ﷺ:«إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ»(٢).
والحافظ مغلطاي ﵀ معروف عنه أنه دائب القراءة والمطالعة منذ كان غلامًا صغيرًا، وقد كان يترك مجالس اللهو واللعب، ويذهب إلى مجالس العلم والطلب، لذلك أوضح ﵀ سبب تأليفه لهذا الكتاب الذي خالف فيه طريقته ومسلكه، فقال:«وبالجملة؛ فلا بد لمن أكثر من الجد أن يستريح إلى الفكاهة، ليذهب عن ذهنه الصدأ أو الآفة، والإنسان إلى الملل أميل، والتنقل أشهى لقلبه وأمثل»(٣).
وهذا منه ﵀ اعتذار لما وقع ذكره في الكتاب مما يتنافى مع العفة أو الأدب، وما هو إلا ناقل لما ذكره غيره، فنسأل الله أن يعفو عنا وعنه، بمنه وكرمه.
[المطلب السادس ثناء العلماء عليه]
احتل الحافظ مُغلطاي مكانَةً مرموقةً عند العلماء والحفاظ الذين ترجموا له، فلا تجد واحدًا منهم يذكره، إلا ويثني عليه ثناءً عَطِرًا، ويذكره بأفضل الألقاب، وأجمل الصفات، ومما قيل فيه فضلاً عما تقدم ذكره في المباحث السابقة:
قال الصفدي:«الشيخ الإمام الحافظ القدوة، علاء الدين، … شيخ حديث، يعرف القديم والحديث، ويطول في معرفة الأسماء الى السماء بفرع أثيث، وينتقي بمعرفته الطيب من الخبيث، ولي الظاهرية شيخا للحديث»(٤).
(١) الواضح المبين في ذكر من استشهد من المحبين (ص ٢٢ - ٢٣). (٢) أخرجه البخاري، كتاب النكاح، باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع (٧/ ١٩) الحديث رقم: (٥١٤٣)، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظن، والتجسس، والتنافس، والتناجش ونحوها (٤/ ١٩٨٥) الحديث رقم: (٢٥٦٣)، من حديث أبي هريرة ﵁، عن النبي ﷺ، به. (٣) الواضح المبين في ذكر من استشهد من المحبين (ص ٢٣). (٤) أعيان العصر (٥/ ٤٣٣).