للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كما نشأ أيضًا في بيت قوة وجهاد، فقد كان أبوه قائدًا من قادة المماليك (١)، لذلك حرص على أن يجعل من ابنه فارسًا قويًا، ليكون بعد ذلك من قادة الفتوحات الإسلامية، وهذه عادة الأتراك في ذلك العصر لا سيما القادة منهم، دأبهم تعلم الفروسية والقتال في سبيل الله، ووالد مُغلطاي منهم، فلقبه قليج، وهي تعني السيف باللغة التركية كما تقدم، ويقال في نسبته: البَكْجري، وهو لفظ مركب من كلمتين: (بك) بمعنى الصلب. و (جري) بمعنى الجندي، فيكون معنى هذا المركب اللفظي: بكجري: الجندي الصلب (٢).

قال ابن فهد: «كان أبوه في صباه يُرسله ليرمي بالنُشَّاب (٣)، فيخالفه ويذهب إلى حلق أهل العلم، ولا سيما الأنساب» (٤)، وإيثار مجالس العلم على لهو الصبيان، لا يقع عادةً ممن كان في سنه من الصبيان، إلا ممن كان مُحِبًّا لمجالس العلم وأهله، قد تعلق قلبه وعقله فيهما، ولما رأى أبوه رغبة ابنه بطلب العلم، قدم رغبة ابنه على رغبته، فكان يطوف به بنفسه على مجالسه كما ذكر ذلك الحافظ مُغلطاي نفسه.

[المطلب الثالث أسرته]

تقدم أن الحافظ مُغلطاي نشأ في بيئة علمية، وممن عُرف بطلب العلم من أسرته:

١ - أبوه: داود بن عبد الله الملقب بقليج، فقد ذكر الحافظ مُغلطاي نفسه، أنه كان وهو شاب صغير يحضر مع والده مجالس الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد، كما كان يطوف به أبوه على المجالس ليسمعه من شيوخها (٥).


(١) ذكره مغلطاي في كتابه الإيصال، كما أفاده خميس الغامدي في مقدمة تحقيقه لكتاب: الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم ، لمغلطاي (ص ٣٩).
(٢) ذكره عنه أحمد حاج عبد الرحمن محمد في كتابه: الحافظ مُغلطاي وجهوده في علوم الحديث (ص ١٤).
(٣) النشاب: السهام التي يُرمى بها. ابن منظور، لسان العرب (١/ ٧٥٧)، مادة: (نشب).
(٤) لحظ الألحاظ (ص ٩١).
(٥) ذكره عنه أحمد حاج عبد الرحمن محمد في كتابه: الحافظ مُغلطاي وجهوده في علوم الحديث (ص ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>