الحمد لله رب العالمين، وصلواتُه على سيّدنا سيّد البشر محمّد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الله جل وعزَّ لما يسر عليَّ مطالعة كتاب «الوَهَم والإيهام»، للحافظ أبي الحسن ابن القطان ﵀، ونور ضريحه، وأسكنه بَحْبُوحة جنّته، رأيته كتابًا جم الفوائد لِمُطالعه، ويحتاج المحدّث والفقيه إلى مُودَعِه (٢)، استَحسَنتُه جدًّا، وأحمدته (٣) سعيًا وكدًّا، غير أنه كتاب نَظَر لا كتاب كشف يُعثر على فوائده من غير علم بالمظنة، ولا يقتبس فوائده من كان ذا مُنَّة (٤) إلا بعد كشفه جل الكتاب، وذلك يتعذر على أكثر الطلاب، فلذلك أضحى مُجانَبًا وإن عَظُمت فيه الرغبات، مُقصَيًا وإن كثرت إليه الحاجات، وذلك أن مؤلفه ﵀ رتبه على العلل لا على المسانيد، وذلك يوجب أن يذكر حديثًا في الطهارة بجوار آخر في العتق، وحديثًا في الفرائض بجوار آخر في الصوم؛ لاشتراكهما في علَّةٍ بوب عليها أبو الحسن بابا، فيحتاج
(١) زيادة على النسخة الخطية، لتناسب ما يأتي بعدها من تبويب للكتاب. (٢) قوله: «مُودَعِه» أي: ما أُودِعَ فيه من الفوائد. ينظر: مختار الصحاح (ص ٣٣٥)، مادة: (ودع). (٣) أي: وجدته مستحقًا للحمد، قال الجوهري: «وأحمدته: وجدته محمودًا، تقول: أتيت موضع كذا فأحمدته؛ أي: صادفته محمودًا موافقًا، وذلك إذا رضيت سكناه أو مرعاه». الصحاح (٢/ ٤٦٧)، مادة: (حمد). (٤) المنة: القُوّة. مختار الصحاح (ص ٢٩٩)، مادة: (منن).