فيه كيف أن مصر على وجه العموم، والقاهرة على وجه الخصوص، كانت آنذاك من أهم الحواضر العلمية، شأنها في ذلك شأن بلاد الشام، وكيف حظيتا بازدحام العلماء وطلبة العلم إليهما، الأمر الذي أتاح للحافظ مغلطاي السماع من أكابر علماء هذا العصر (١)، وفيما يلي أبرز شيوخ الحافظ مغلطاي الذين أخذ عنهم:
١ - ابن تيمية، شيخ الإسلام، أبو العباس، تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني، الدمشقي، المُتوفّى سَنَة (٧٢٨ هـ)(٢)، وقد صرح الحافظ مغلطاي مرارًا بأن شيخ الإسلام ابن تيمية من شيوخه، فقال مغلطاي في إكمال تهذيب الكمال، في ترجمة زهرة غير منسوب، قال:«وخرج حديثه عن أسامة، الحافظ ضياء الدين المقدسي في صحيحه»، كذا سماه شيخنا تقي الدين ابن تيمية، وغيره وبعضهم يسميه:«الأحاديث المختارة»(٣). وقال في كتابه الواضح المبين:«ويُشبه أن يكون هذا مستند شيخنا العلامة تقي الدين ابن تيمية ﵀»(٤)، وجاء عنه أصرح من ذلك، فقال في كتابه الإيصال:«شيخنا الإمام، … تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، الذي طبق ذكره جميع الأقطار، وشاع علمه في جميع الأمصار، فبذلك استغنينا عن التعريف بحاله، رأيته بالقاهرة، وأجازني مشافهة، … وجئته يومًا لأُودعه وسألته الوصية والدعاء، فقال لي: يا غلام روينا في كتاب الترمذي، بإسناد ثابت، أن النبي ﷺ قال لابن عباس: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، … » الحديث (٥)، ثم قال: هكذا ذكره بغير إسناد، ثم ذكر أنه يرويه، عن أبي الحسن ابن البخاري، سماعًا» (٦)، كما قال في كتابه التلويح: «وحُدِّثْتُ من غير وجه أنّ الشيخ نجم الدين
(١) الدرر الكامنة (٦/ ١١٤) ترجمة رقم: (٢٣١٠). (٢) تذكرة الحفاظ، للذهبي (٤/ ١٩٢) ترجمة رقم: (١١٧٥)، وشذرات الذهب (٨/ ١٤٢). (٣) إكمال تهذيب الكمال (٥/ ٨٣) ترجمة رقم: (١٦٨٧). (٤) الواضح المبين في ذكر من استشهد من المحبين (ص ٧٤). (٥) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب صفة القيام والرقائق والورع، باب (٤/ ٦٦٧) الحديث رقم: (٢٥١٦)، والإمام أحمد في مسنده (٤/ ٤٠٩) الحديث رقم: (٢٦٦٩)، من طرق عن قيس بن الحجاج، عن حنش الصنعاني، عن ابن عباس، قال: «كنت خلف رسول الله ﷺ، فقال: … » وذكره. قال الترمذي: «حديث حسن صحيح». (٦) ذكره أحمد حاج بن عبد الرحمن محمد، في: الحافظ مغلطاي وجهوده في علوم الحديث (ص ٢٠).