لاشك أنّ للمصادر التي يعتمد عليها مؤلّف الكتاب أهمية بالغة، وأثرًا رئيسًا في عملية الحكم على الكتاب، وبيان قيمته، وبإمعان النظر في كتابنا هذا؛ منار الإسلام بترتيب كتاب بيان الوهم والإيهام، للحافظ علاء الدين مغلطاي، ندرك بأن مصادره تعود في أصلها لكتاب بيان الوهم والإيهام للحافظ ابن القطان الفاسي، والحافظ مغلطاي ناقل لهذه المصادر في كتابه هذا؛ لأن غاية ما قام به الحافظ مغلطاي هو إعادة ترتيب أحاديث كتاب الوهم والإيهام على ما كانت عليه في كتاب الأحكام للحافظ عبد الحق الإشبيلي، كما سبق بيانه وتوضيحه، ومثل هذا الأمر لا يستلزم منه العودة إلى مصادر أخرى غير تلك التي اعتمد عليها الحافظ ابن القطان الفاسي، فهو كما ذكر لم يُدخل في كتاب الوهم والإيهام ما ليس منه، ولم يُخرج منه إلا ما دعت الضرورة إلى إخراجه لتكرُّرِه، أو ما اقتضته طبيعة ترتيبه، من إضافة بعض العبارات التي تُناسب سياق الكلام، بعد حَذْفِه لتلك العبارات التي دعت الضرورة إلى حذفها، حتى يبدو الكلام متسقًا وموصولًا بعضُه ببعض.
ولما كان الأمر على ما ذكرته، كان لا بد من الحديث هنا عن المصادر التي توفرت للحافظ ابن القطان الفاسي، ومكنته من نَقْد أبي محمد عبد الحق الإشبيلي في كتابه الأحكام.
والمدقق في هذه المصادر يظهر له أنها لم تبتعد عن تلك التي اعتمد عليها الحافظ أبو محمد عبد الحق، وقد كشف هذا أنّ الحافظ ابن القطان كان يُسمِّي تلك المصادر التي كان يستقي منها عبد الحق مادة كتابه، ويشمل هذا تلك التي توافرت بين يديه واستقى منها الأحاديث والآثار والأخبار، وتلك التي كان يبني أحكامه بالرجوع إليها وهي المختصة بالعلل والجرح والتعديل وغيرها.
غير أنّ ما توافر للحافظ ابن القطان الفاسي من هذه المصادر كان يربو على ما