للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أن نَتْبَعَ جنازة معها رانة»، لم يُصرِّح برَفْعِه. وقال ابن جريج: عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن عبد الله: «نهى رسول الله عن البِدَعِ كلّها حَتَّى النَّوْح». وهذا لفظ آخر. انتهى كلام الدارقطني.

فانظر كيف لم يُوصل إسناده لا إلى إسرائيل، ولا إلى ابن جريج؛ راويه عن أبي يحيى، بلفظين مختلفينِ مُصَرَّحًا برفْعِه، ولا إلى ليث راويه عن مجاهد، عن ابن عمر مرفوعًا».

كذا قال في النسخة الخطية لكتاب المنار: «عن ابن عمر مرفوعًا»، وهو خطأ، صوابه أن يقول: «موقوفًا»، كما في (بيان الوهم والإيهام) (١)؛ وقد تقدم آنفًا ذكر رواية ليث موقوفة على ابن عمر ا. وبهذين المثالين يتبين لنا أن الوهم الواقع في المنار ـ وإن كان قليلا جدًا ـ قد يُحيل المراد إلى معنى غير صحيح.

الفرع الثاني: ملاحظات على منهج الحافظ مُغلطاي في كتابه المنار:

وبيان هذه الملاحظات فيما يأتي:

١ - وقعت بعض الأوهام للحافظ ابن القطان الفاسي، وخاصةً في حكمه على بعض رجال الأسانيد، كأن يُجهّلَ بعض الثقات، أو ممن هم دونهم في الرتبة، ولكنهم معروفون، أو تضعيف بعض الثقات، وقد تكرر مثل هذا منه، مما دفع بعض الحفاظ كابن المواق والذهبي والعراقي وابن حجر وغيرهم لأن يتعقبوه في بعض تلك الأحكام التي أطلقها في حقهم، وقد كان من المفيد جدًا لو أنّ الحافظ مغلطاي يتصدى لمثل هذه الأحكام التي تفرد بها الحافظ ابن القطان الفاسي، سيما وأنه معروف بتمكنه في هذا العلم خاصةً، وبمَيْلِه إلى التصنيف فيه وتعقب مَنْ سَبَقَه فيه، ومصنفاته في هذا معروفة وبعضُها متداول كإكمال تهذيب الكمال وغيره. وإنّ خُلُو هذا الكتاب من مثل هذه التعقبات على الحافظ ابن القطان الفاسي من شأنه أن يُثير التساؤل والاستغراب من إحجامه عن ذلك، الأمر الذي أدى إلى شعور القارئ بأنه افتقد لتلك الفوائد التي كان يمكن أن يجنيها فيما لو بادر الحافظ مغلطاي إلى ذكر هذه التعقبات في هامش هذا الترتيب.

ولكن لما كان هذا لم يكن منه؛ ناسَبَ أن يُقال فيما يُمكن أن ينتقد به، أنه


(١) بيان الوهم والإيهام (٢/ ٥٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>