العلائي ﵀(ت ٧٦١ هـ)، لما رحل إلى القاهرة على كتاب جمعه في العشق، سماه: الواضح المبين في ذكر من استشهد من المحبّين، تعرض فيه لذكر الصدّيقة عائشة رضي الله تعالى عنها، فأنكر عليه ذلك، ورفع أمره إلى القاضي موفق الدين الحنبلي، فاعتقله بعد أن عزّره، ومَنع الكتبيين من بيع ذلك الكتاب، فتألم لذلك الحافظ مغلطاي، وشمت به جماعة من أقرانه (١).
وبعد أن مكث في السجن أيامًا، انتصر له الأمير الورع، صاحب الديانة، الزاهد، بدر الدين جنكلي بن محمد بن البابا وخلصه من السجن، لعلمه أنه بريء مما رُمي به (٢).
وبتتبع كتابه المذكور، لا ترى فيه شيئًا من التعريض بأم المؤمنين عائشة لَهَا، ولو وُجد فيه شيء من ذلك لذكروه وبيَّنوه على وجه التفصيل، دون التعريض المطلق.
كما ذكر زين الدين ابن رجب المقرئ، أنه في آخر كتابه المذكور في العشق، إثباتُ غَزَلٍ تدلُّ على استهتار وضعف في الدين (٣).
وبالنظر في كتابه المذكور، وهو من عنوانه: الواضح المبين في ذكر من استشهد من المحبّين، يتحدث عما صدحت به قرائح العشاق المتيمين، وهم في هذا الشأن قد يذكر بعضهم شِعرًا منضبطًا بالأدب والعفّة، وبعضهم قد يخرج عن حدّ الأدب والعِفّة، فيبالغ في تغزله بمحبوبته ووصفها، والتغني بها، لذلك تجد في كتابه المذكور شِعرًا متباينا، فمنه المتفق مع الآداب والعفّة، ومنه ما يتجاوز ذلك.
وهو ﵀ ذكر في مقدمته لكتابه هذا أن البعض لن يرضى عما ذكره فيه، فقدم اعتذاره عن ذكره ابتداءً، مبينا سبب ذكره، فقال: «وهو حفظك الله إن لم يكن من اللغو الذي لا يُؤاخذ به المرءُ، فهو إن شاء الله من اللمم المعفو عنه، وإلا فليس من السيئات والفواحش التي يُتوقع عليها العذاب. وإني لأعلم بعض من لا يهتدي لرشده؛ إذا وقَفَ على تأليفي هذا يُنكره، ويقول: نراه خالف طريقته،
(١) لسان الميزان (٨/ ١٢٤)، والدرر الكامنة (٦/ ١١٥)، وشذرات الذهب (٨/ ٣٣٧). (٢) أعيان العصر (٤/ ٤٣٤)، والدرر الكامنة (٦/ ١١٥). (٣) ذكره عنه ابن ناصر الدين الدمشقي في التبيان لبديعة البيان (٣/ ١٤٩٨) ترجمة رقم: (١٢١١).