قدَّرْناه حدَّث به شائًا، ثم تيقَّن، فهاهنا يُحتمل أن يُقال: عثر بعد الشك على سبب من أسباب اليقين، مثل أن يراه في مسموعاته أو مكتوباته، فيرتفع شكه، فلا يُبالى ما تقدَّم من تشكُّكه، ومع هذا فلا ينبغي للمحدِّث أن يترك مثل هذا في نقله، فإنه إذا فعل فقد أراد منا قبول رواية روايته (١).
وهذا كله إنما يكون إذا سُلَّم أَنَّ الدَّرَاوَرْدِيَّ وعبد الواحد الرافعين له سَمِعاهُ منه غير مشكوك فيه، فإنه من المحتمل أن لا يكون الأمر كذلك، بأنْ يَسْمَعَاهُ مشكوكًا فيه كما سمعه حمَّادٌ، ولكنّهما حدثا به ولم يذكرا ذلك اكتفاء بحسبانه، وعلى هذا تكون علَّةُ الخبر أبينَ، فاعلم ذلك.
٤٣٧ - وذكر (٢) من كتاب [عبد الرزاق](٣)، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، قال:«نهى النبي ﷺ أن يُسَلَّ السَّيفُ في المسجد»(٤).
(١) كذا في النسخة الخطية، وفي مطبوع بيان الوهم والإيهام (٢/ ٢٨٤): «قبول رأيه في روايته». (٢) بيان الوهم والإيهام (٢/ ٢٩٩) الحديث رقم: (٢٨٧)، وهو في الأحكام الوسطى (١/ ٢٩٧). (٣) في النسخة الخطية: «ابن عبد الرزاق»، وهو خطأ ظاهر، وصوابه: «عبد الرزاق» دون «ابن» كما في بيان الوهم والإيهام (٢/ ٢٩٩). (٤) لم أقف عليه بهذا الإسناد في المطبوع من مصنف عبد الرزاق، ولا عند غيره فيما بين يدي من المصادر، ويُروى بإسناد آخر صحيح من حديث جابر ﵁، أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في النهي عن أن يُتعاطى السيف مسلولًا (٣/ ٣١) الحديث رقم: (٢٥٨٨)، والترمذي في سننه، كتاب الفتن، باب ما جاء في النهي عن تعاطي السيف مسلولا (٤/ ٤٦٤) الحديث رقم: (٢١٦٣)، والإمام أحمد في مسنده (٢٢/ ١١٣) الحديث رقم: (١٤٢٠١)، وصححه ابن حبان في صحيحه، كتاب الرهن، باب ما جاء في الفتن (٤/ ٣٢٢) كتاب،، الأدب مستدركه، في والحاكم (١٣/ ٢٧٥) الحديث رقم: (٥٩٤٦)، الحديث رقم: (٧٧٨٥)، من طريق حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر: «أن النبي ﷺ نهى أن تتعاطى السيف مسلولا»، قال الترمذي: «حديث حسن غريب»، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الحافظ الذهبي. قلت: نعم رجاله رجال مسلم، لكنَّ أبا الزبير المكي، ثقة، مشهور بالتدليس كما تقدم في ترجمته عند الحديث رقم: (١١٣)، ولم يصرّح فيه بالتحديث أو السماع، إنما رواه بالعنعنة. ولكن للحديث طريق أخرى عن أبي الزبير صرّح فيها بالتحديث، فقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢٣/ ٢٣١) الحديث رقم: (١٤٩٨١)، من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرًا يحدث ذلك، عن النبي ﷺ. وهذا إسناد صحيح، على شرط الشيخين، صرّح فيه أبو الزبير بالسماع من جابر، وابن جريج: وهو عبد الملك بن عبد العزيز مدلس كما تقدم في التعليق على الحديث رقم: =