للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثم قال (١): اختلف في إسناده، فأسنده ناسٌ وأرسله آخرون، منهم الثوري. قال أبو عيسى: وكان المرسل أصح. انتهى ما أورد.

وهو كما ذكر، ولكن ينبغي أن لا يَضُرَّه الاختلافُ إذا كان الذي أسنده ثقة. وإلى هذا، فإنّ الذي لأجله ذكرته هنا هو أن أبا داود ذكره هكذا:

حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، وحدَّثنا مسدّد، حدثنا عبد الواحد، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد، قال رسول الله ـ قال موسى في حديثه فيما يحسب عمرو - أن رسول الله قال: «الأرض كلها مسجد إلا الحَمَّامَ والمقبرة».

فقد أخبر حماد في روايته أنّ عمرو بن يحيى شك في ذكر رسول الله . ومنتهى الذين رَوَوْهُ مرفوعًا إلى عمرو، فإنّ الحديث حديثه، وعليه يدور، فسواء شك أولًا ثم تيقن أو تيقن ثم شك؛ فإنه لو تَعيَّن الواقع منهما أنه الشَّك بعد أن حدَّث به متيقنا للرفع، لكان يُختلف فيه.

فمن يرى نسيان المحدِّثِ قادحًا: لا يقبله، ومَنْ يراه غير ضائر: يقبله، وإنْ


= كما أوضح الدارقطني في علله (١١/ ٣٢٠ - ٣٢١) وجه الاختلاف فيه عن عمرو بن يحيى، ثم قال: «ورواه جماعة عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، مرسلًا، والمرسل المحفوظ».
قلت: الحديث رجال إسناد ثقات رجال الشيخين كما قال الحاكم والبيهقي، وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان كما تقدم، وقواه أيضًا جماعة من الأئمة، منهم الحافظ ابن القطان كما يأتي عنه، وابن حزم في المحلى (٢/ ٣٤٧)، فقال بعد أن ذكر من أعله بالإرسال: «فكان ماذا؟ لا سيما وهم يقولون: إن المسند كالمرسل، ولا فرق، ثم أي منفعة لهم في شك موسى، ولم يشك حجاج، وإن لم يكن فوق موسى، فليس دونه، أو في إرسال سفيان، وقد أسنده حماد وعبد الواحد وأبو طوالة وابن إسحاق، وكلهم عدل».
ومما يرجح صحة الرواية الموصولة، أن لها طريقًا آخر، أخرجه وصححه ابن خزيمة في صحيحه، كتاب الصلاة، باب الزجر عن الصلاة في المقابر والحمام (٢/ ٧) الحديث رقم: (٧٩٢)، والحاكم في مستدركه، كتاب الصلاة (١/ ٣٨٠) الحديث رقم: (٩٢٠)، والبيهقي في سننه الكبرى، كتاب الصلاة، باب ما جاء في النهي عن الصلاة في المقبرة والحمام (٢/ ٦١٠) الحديث رقم: (٤٢٧٥)، من طريق بشر بن المفضل، حدثنا عمارة بن غزية، عن يحيى بن عمارة الأنصاري، عن أبي سعيد الخدري، به.
قال الحاكم: «هذه الأسانيد كلها صحيحة على شرط البخاري ومسلم»، ووافقه الحافظ الذهبي.
(١) عبد الحق في الأحكام الوسطى (١/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>