هكذا أورده، فليس في كتاب قاسم:«إلا من عُذْرٍ» في الحديث المرفوع، إنما هو في الموقوف، فلم يتثبت أبو محمد؛ فأورده هكذا.
وعلى أنه لا ينقل من كتاب قاسم إلا بوساطة ابن حزم، أو ابن عبد البر، أو ابن مُدِير (١) عن ابن الطلاع (٢)، وسنبين ذلك عنه في موضعه إن شاء الله تعالى. وهذا الحديث مما نقله من كتاب ابن حزم (٣)، وهو جاء به [مُفْسِدًا](٤) بزيادة: «إلا من عُذْرٍ» في المرفوع كما ذكرناه، ويتبيَّن لك الصواب فيه، بإيراد الواقع في كتاب قاسم بنصه.
قال قاسم - ومن كتابه نَقَلْتُ -: حدَّثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا حفص بن عمر وسليمان بن حرب وعمرو بن مرزوق، عن عدي بن ثابت، [عن سعيد بن
= ابن القطان لرواية قاسم بن أصبغ، ثم تعقبه بقوله: «لم يتكلم، ولا عرف بصحتها من سقمها، … وأما رواية سليمان بن حرب، عن شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت؛ فأراها وَهَمًا؛ فإن هذا الحديث، حديث عدي بن ثابت، لا حديث حبيب بن أبي ثابت، وانفراد سليمان بن حرب عن شعبة بذكر حبيب بن أبي ثابت، دون سائر من رواه عن شعبة يوجب التوقف في هذه الرواية، ولا أعلم ذِكْرَ حبيب بن أبي ثابت، في هذا الحديث، إلا من طريق سليمان بن حرب، في رواية إسماعيل بن إسحاق عنه، فالله أعلم»، وينظر: ما تقدم في تخريج الحديث آنفًا. (١) هو: عبد العزيز بن خلف بن مُدِير، أبو بكر الأزدي، فقيه محدّث، يروي عن أبي الوليد الباجي، وروى عنه عبد الحق الإشبيلي، توفي بإركش، سنة أربع وأربعين وخمس مئة. ينظر: بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس (ص ٣٨٥) ترجمة رقم: (١٠٩٢)، وتاريخ الإسلام (١١/ ٨٥٦) ترجمة رقم: (٢٢١)، وقد وهم فيه محقق بيان الوهم والإيهام فقال على سبيل التعريف به (٢/ ٢٧٨): «كنيته أبو القاسم. انظر: معجم أصحاب أبي علي الصدفي: ٢٧»، وأبو القاسم هذا: هو خلف بن عبد الله بن مدير القرطبي، وهو متقدم عن عبد العزيز بن خلف بن مدير، فقد قيَّد الضَّبِّي في بغية الملتمس (ص ٢٨٤) ترجمة رقم: (٧١٠)، وفاة خلف هذا بسنة خمس وتسعين وأربع مئة، وقال الحافظ ابن حجر في تبصير المنتبه بتحرير المشتبه (٤/ ١٢٧٠): أنه يروي عن ابن عبد البرّ؛ ولذلك فإن الذهبي حينما ترجم لعبد الحق في تاريخ الإسلام (١٢/ ٧٢٩) برقم: (١٩) ذكر فيمن يروي عنهم: أبا بكر عبد العزيز بن خلف بن مدير، وليس أبا القاسم. (٢) هو: الإمام المحدث أبو عبد الله محمد بن الفرج القرطبي، المعروف بابن الطلاع، المتوفى سنة سبع وتسعين وأربع مئة. ينظر: تاريخ الإسلام (١٠/ ٧٩٧) ترجمة رقم: (٢٩٤). (٣) المحلى (٣/ ١٠٥)، وقد سلف مع تمام تخريجه قريبا. (٤) في النسخة الخطية: «مفسرا» بالراء. وهو خطأ، صوابه ما أثبته: «مُفْسِدًا» بالدال على ما يقتضيه سياق الكلام، تصويبه من بيان الوهم والإيهام (٢/ ٢٧٨).