عياض، عن أبي سعيد، وأرجو أن يكونا صحيحين. انتهى كلامه (١).
وليس فيه تصحيح حديث أبي سعيد الذي فرغنا من تعليله، وإنَّما يعني أن القولين عن يحيى صحيحان، وصدق في ذلك، صح عن يحيى أنه قال: عن محمد بن عبد الرحمن، عن جابر، وأنه قال: عن عياض أو عن هلال، أو عن أبي سعيد، ولم يقض على حديث أبي سعيد بالصحة أصلا.
ولو فعل، كان مخطئًا، فإن الأمر فيه على ما بينا، فأما حديث جابر هذا فصحيح.
ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ثقة (٢)، وقد صح سماعه من جابر (٣).
(١) هذا الحديث ذكره عن أبي علي ابن السكن الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة (٣/ ٣٢٥) الحديث رقم: (٣١٢٢)، ونقل عن ابن السكن تصحيحه له، بعد أن ساقه بإسناده، عن يحيى بن محمد بن صاعد، بالإسناد المذكور، ثم نقل كلام الحافظ ابن القطان الفاسي الآتي بعد الحديث. (٢) محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان القرشي، وثقه ابن سعد وأبو زرعة والنسائي، وقال أبو حاتم: هو من التابعين لا يُسأل عنه. ينظر: تهذيب الكمال (٢٥/ ٥٩٦) ترجمة رقم: (٥٣٩٣) (٣) هذا الكلام نقله عنه الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة (٣/ ٣٢٥)، ثم تعقبه بالقول: «قلت: إلا أن يحيى بن أبي كثير مدلس، وقد اختلف عليه فيه مع ذلك». والاختلاف الذي أشار إليه الحافظ ابن حجر في قوله: أنه اختلف عليه فيه، أشار إليه أيضًا الدارقطني، وهو متعلق بحديث أبي سعيد الخدري السابق لا بحديث جابر هذا، كما ذكرت في التعليق على الحديث السابق. وأما قوله عن يحيى بن أبي كثير: مدلس، فيقصد به تدليسه عن الصحابة، وهو لم يسمع من أحد منهم، وقد عُرف بالإرسال عن بعضهم، وأما ما دون الصحابة فروايته عنهم صحيحة، ومن جملتهم محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، ورواية يحيى عنه مما احتج بها البخاري في صحيحه في غير موضع، ومن ذلك ما أخرجه في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان (١/ ٨٩) الحديث رقم: (٤٠٠). وقد رواه يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان بالعنعنة، ولم يذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٢/ ٥٧٤) في شرحه لهذا الحديث ما ذكره في يحيى بن أبي كثير أنه مدلس، ولو كان مدلّسًا عن غير الصحابة لما احتج به البخاري في صحيحه أصلا، ولما خفي ذلك عليه وعلى الحافظ ابن القطان الفاسي، لأنّ غاية ما قيل في يحيى بن أبي كثير في ذلك هو روايته عن بعض الصحابة، ولم يسمع منهم، وإرساله لبعض الأحاديث، ولذلك قال أبو حاتم الرازي فيما حكى عنه ابنه في المراسيل (ص ٢٤٤) برقم: (٩١٠): «لم يدرك أحدًا من أصحاب النبي ﷺ إلا أنسًا، فإنه رآه رؤية ولم يسمع منه».