المختلفين عليه، فقول أبي محمَّد: لم يسند هذا الحديث غير عكرمة، وقد اضطرب فيه، ينبغي أن يكون ضبطه اضْطُرِبَ، مبنيًا لما لم يُسَمَّ فاعله، فَإِنَّهُ إِنْ أُسنِدَ الفعلُ إلى عكرمة كان خطأ، ويحيى بن أبي كثير أحد الأئمة، ولكن هذا الرجل الذي أخذ عنه هذا الحديث هوَ مَنْ لا يُعْرَفُ، ولا يحصل من أمره شيء.
وهكذا هو عند مصنّفي الرُّواة لم يعرفوا من أمره بزيادة على هذا.
وللحديث مع ذلك علة أُخرى، وهي اضطراب متنه.
وبيان ذلك، هو أن ابن مهدي، رواه عن عكرمة، فقال في لفظه ما تقدم؛ جَعَل المَقْتَ على التكشفِ والتَّحدُّثِ فِي حَالِ قَضَاءِ الحاجة.
ورواه بعضهم: فجعل المَقْتَ فيه على النظر فقط.
ورواه بعضهم أيضًا: فجعل المقت فيه على التحدث كذلك فقط (١).
وهذا قد كان يتكلف جميعه لو كان راويه معتمدًا، وبيان هذا الذي أجملنا هو أن أبا بكر بن المنذر قال (٢): حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو حذيفة (٣)، حدثنا عكرمة، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن عياض، عن أبي سعيد قال: «نهى
= عمار أيضًا، فرواه الثوريُّ، عن عكرمة، عن عياض بن هلال، عن أبي سعيد، وكذلك قال عبد الملك بن الصَّبّاح: عن عكرمة، وقال عبيد بن عقيل: عن عكرمة بن عمار، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة». وقد نص أبو حاتم الرازي قبل ذلك على توهيم عكرمة بن عمار في هذا الحديث فيما حكى عنه ابنه بعد أن ذكر له رواية عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، بالإسناد المذكور عند أبي داود وغيره، ثم ذكر له رواية الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن النبي ﷺ، مرسلا، قال: «قال أبي: والصحيح هذا - يعني: حديث الأوزاعي - وحديث عكرمة وهم». ورواية الأوزاعي هذه أخرجها الحاكم في المستدرك، كتاب الطهارة (١/ ٢٦٠) بعد الحديث رقم: (٥٦٠)، وعنه البيهقيُّ في السنن الكبرى، كتاب الطهارة، باب كراهة الكلام عند الخلاء (١/ ١٦٢) الحديث رقم: (٤٨٥). (١) عبارة: «فيه على التَّحدُّثِ كذلك فقط» سقطت من مطبوع بيان الوهم والإيهام (٥/ ٢٥٩)، وجعل محققه مكانه ما يلي: «[ … وفي نظري أنّ هذا قد]»، ثم في الهامش أن ما بين الحاصرتين ممحو، وأنه أتمّه من مجموع ألفاظ الحديث، وأنّ ما بقي محل النقط فارغا، لعله يستدركه فيما بعد. (٢) من قوله: «أو بيان … » إلى هنا، لم يرد في المطبوع من بيان الوهم والإيهام (٥/ ٢٥٩)، وقد أشار إليه محققه، هكذا «[ … ]»، وذكر «أنه لعله يستدركه فيما بعد». (٣) هو موسى بن مسعود النهدي. ينظر: تهذيب الكمال (٢٠/ ٢٥٨).