للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقد تفرد بهذا الحديث مجروح، ولم يوثقه أحد، بل كل من عرف كلامه فيه ضعفه، [وذكر أقوال الحفاظ في تضعيفه]، ثم قال: وأما قول الذهبي في الميزان: (قلت: أبي وإن لم يكن بالثبت فهو حسن الحديث)، فهذا مما لا وجه له عندي بعد ثبوت تضعيفه ممن ذكرنا من الأئمة، ولعله استأنس بتخريج البخاري له، ولا مستأنس له فيه، بعد تصريح البخاري نفسه بأنه ليس بالقوي، … وكأن الذهبي تراجع عن ذلك حين أورد أبيا هذا في الضعفاء، وقال: (ضعفه ابن معين، وقال أحمد: منكر الحديث»).
ولم يتفرد به أبي هذا، بل تابعه عليه أخوه عبد المهيمن كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر فيما تقدم قريبا، وهذه المتابعة أخرجها الطبراني في المعجم الكبير (٦/ ١٢٧) الحديث رقم: (٥٧٢٩)، حدثنا أحمد بن زهير التستري، حدثنا أبو الربيع الحارثي، حدثنا ابن أبي فديك، عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد، عن أبيه، عن جده قال: «كَانَ للنَّبِيِّ عِنْدَ أَبِي ثَلَاثَةُ أَفْرَاسٍ يَعْلِفُهُنَّ»، قال: وسمعت أبي يسميهن: اللدان، واللحيف، والطرب. وعزاه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٦/ ٥٩)، لابن منده، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٥/ ٢٦١) الحديث رقم: (٩٣٤١)، وقال: «رواه الطبراني، وفيه عبد المهيمن بن عباس، وهو ضعيف».
فهذه المتابعة لا تصلح لتقوية الحديث، فإن عبد المهيمن بن العباس حاله عند الأئمة أشد ضعفا من أخيه أبي، فقد ذكره البخاري في التاريخ الكبير (٦/ ١٣٧) الترجمة رقم: (١٩٤٧)، وقال فيه: «منكر الحديث»، وكذلك قال أبو حاتم الرازي كما في الجرح والتعديل (٦/ ٦٧) الترجمة رقم: (٣٥٤).
وقال النسائي في الضعفاء والمتروكون (ص ٧٠) الترجمة رقم: (٣٨٦): «متروك الحديث».
وذكره ابن حبان في المجروحين (٢/ ١٤٨، ١٤٩) الترجمة رقم: (٧٥٨)، وقال: «ينفرد عن أبيه بأشياء مناكير لا يتابع عليها من كثرة وهمه، فلما فحش ذلك في روايته بطل الاحتجاج به».
وقال الذهبي في المغني في الضعفاء (٢/ ٤٠٩) الترجمة رقم: (٣٨٦٣): «ضعفوه».
ولم يوثقه أو يحسن القول فيه أحد فيما وقفت عليه من المصادر التي تعنى بتراجم الرجال والرواة، فعلى مقتضى كل ذلك فإن متابعة عبد المهيمن مما لا يصلح معها تصحيح الحديث أو حتى تحسينه، أو يعتبر بها، فلهذا الاعتبار لا يمكن الركون إلى ما قرره الحافظ ابن حجر العسقلاني في سبيل اعتذاره للإمام البخاري من اعتبار متابعة أخيه عبد المهيمن، وخصوصا أن الإمام البخاري قال فيما حكى عنه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (٢/ ٢٦٤ و ٣/ ٩٣ و ٤/ ٢١٣ و ٥/ ١٤٤، ١٤٩): «كل من قلت فيه: منكر الحديث، فلا تحل الرواية عنه»، وفي رواية أخرى عن البخاري ذكرها السخاوي في فتح المغيث شرح ألفية الحديث (٢/ ١٣٠) أنه قال: «كل من قلت فيه: منكر الحديث، لا يحتج به».
فلكل هذه الاعتبارات السالف ذكرها، فإنه يصعب للمدقق في طريقي هذا الحديث الحكم عليه بالقبول، خصوصا بعدما تبين أن مداره على أبي بن عباس بن سهل بن سعد، وهو =

<<  <  ج: ص:  >  >>