هذا على قول من قال فيه: عن مالك، عن سهل، عن رجال من كبراء قومه (١).
فأما هذا على قول من قال: عنه، عن سهل ورجال من كبراء قومه (٢)، فهو مرسل.
واعلم أنَّ بَيْنَ أَنْ يُحدِّثَ المُحدِّثُ بالحديث ثم ينكره، ويكون الذي حَدَّثَ به عنده ثقة، وبين أن يُروى عنه الشك فيه؛ فرقًا بينا، وذلك أَنَّه إِذا أَنْكَرَه يُمكن أن يكون نسيه، فالثقة مقبول عليه.
أما إذا روى عنه التشكك؛ فذلك قدح، لاحتمال أن يكون تشكك بعدما رواه على غير ذلك التشكك.
فإن قيل: فلم قلت في حديث سهل: مرسل، وهو صحابي، معروف الصحبة، وقد قال ابن أبي حاتم (٣): أنه سمع أباه يسأل رجلا من ولده، فأخبره بأنه كان دليل النبي ﵊ إلى أحدٍ، وأنه شهدها وما بعدها، وأنه بعثه مُخرِّصًا، وأنه بقي إلى خلافة معاوية.
قلنا: من ظنَّ هذا فقد أخطأ، ولا يُدرى من هذا الرجل المخطئ الذي أخبر أبا حاتم بهذا؟ فإن هذا إنما يُعرف لأبيه أبي حثمة، هو الذي ذكره الناس بهذا.
قال أبو جعفر الطبري: كان أبو حثمة كبيرًا، وهو دليل النبي ﵇ إلى أحد، وشهد معه المشاهد بعد ذلك، وبعثه النبي ﵇ خارصًا إلى خيبر، وضرب له بسهمه وسهم فرسه، وتوفي في خلافة معاوية (٤).
وقال في ابنه سهل بن أبي حَثْمَةَ: كان يُكنى أبا يحيى، وقيل: أبا محمد،
(١) أخرجه من هذا الطريق، مسلم في صحيحه، كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب القسامة (٣/ ١٢٩٤) الحديث رقم: (١٦٦٩) (٦)، من طريق مالك بن أنس، به. (٢) أخرجه من هذا الطريق البخاري في صحيحه، كتاب الأحكام، باب إكرام الكبير، ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال (٩/ ٧٥) الحديث رقم: (٧٢٩٢)، من طريق مالك، عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل، عن سهل بن أبي حَيْمَةَ أنَّه أخبره، هو ورجال من كُبَراءِ قومه؛ وذكره. (٣) ذكره عنه الحافظ المزي في تهذيب الكمال (١٢/ ١٧٨) ترجمة رقم: (٢٦٠٧)، وينظر: الجرح والتعديل (٤/ ٢٠٠) ترجمة رقم: (٨٦٤). (٤) ينظر: معرفة الصحابة، لأبي نعيم (٥/ ٢٨٦٦)، والاستيعاب، لابن عبد البر (٤/ ١٦٢٩، ١٦٣٠) ترجمة رقم: (٢٩١٠)، والإصابة، لابن حجر (٧/ ٧٢ - ٧٣) ترجمة رقم: (٩٧٥١).