مِنْ صَدقةِ الجَانِفِ (١) في حَياتِه ما يُرَدُّ مِنْ [وَصِيَّةِ](٢) المُجْنِفِ عِنْدَ مَوتِه».
ثم قال (٣): الصحيح عن عروة مرسلا، عن النبي ﵇، ويُروى عن عروة، من قوله، وقد رُوي موقوفًا على عائشة. انتهى ما ذكر.
وهو ترجيح رواية بعض الرُّواةِ على بعض بغير حُجَّةٍ؛ فإِنَّ الذي أَسْنَدَه إذا كان ثقةً لم تضره مخالفة من خالفه.
وهذا الحديث ذكره أبو داود في «المراسيل»، هكذا: حدثنا العبّاسُ بن الوليد بن مَزْيَدٍ، حدثنا أبي، عن الأوزاعي، قال: إِنَّ الزُّهري حدَّثني، عن عروة، عن عائشة، عن النبي ﵊، قال:«يُرَدُّ من صَدَقةِ الجانف … » الحديث، وهذا الإسناد صحيح.
ثم قال أبو داود: حدثنا العبّاسُ، قال: حدثنا به مَرَّةً عن عروة، ومَرَّةً عن عروة، عن عائشة، عن النبي ﷺ(٤). قال أبو داود: ولا يَصِحُ رَفْعُه. هذا ما ذَكَر.
وعندي إنه ليس بضار له، وقد سُئل الدارقطني (٥) عنه، فقال: يرويه الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، قوله، ليس فيه عن عائشة، ولا النبي ﵇. كذلك رواه يحيى بن حمزة والوليد بن مسلم وغيرهما، عن الأوزاعي. انتهى ما ذكر.
والوليد بنُ مَزْيَدَ أحد الأثبات في أصحابِ الزُّهريّ (٦)، وقد رَفَعه ولا يَضُرُّه
= عن عروة فقط، وقد روى هذا الحديث الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، ولم يجاوز به عُروة». وتابعهما على ذلك الدارقطني، فقال كما في علله (١٤/ ١٢٦) الحديث رقم: (٣٤٧٦): «والصواب: عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، قوله، وليس فيه: عن عائشة، ولا: عن النبي ﷺ. كذلك رواه يحيى بن حمزة، والوليد بن مسلم وغيرهما، عن الأوزعي». (١) الجانف: المائل عن الحق. قال ابن الأثير: «يُقال: جَنَف وأجْنَفَ: إذا مال وجار، فجمع بين اللغتين، وقيل: الجانف يختص بالوصية، والمُجْنِفُ: المائل عن الحق». النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٣٠٧). (٢) في النسخة الخطية: (صدقة)، وهو تصحيف، تصويبه من بيان الوهم والإيهام (٥/ ٤٠٢)، وهو الموافق لما في مصادر التخريج السابقة. (٣) عبد الحق في الأحكام الوسطى (٣/ ٣٢٢). (٤) تقدم تخريج هذا الطريق أثناء تخريج هذا الحديث. (٥) تقدم توثيقه من علل الدارقطني، أثناء تخريج هذا الحديث. (٦) قوله: «الأثبات في أصحاب الزهري» ممحو من أصل بيان الوهم والإيهام فيما ذكر محققه =