قال: «الطَّيَرَةُ شِرْكٌ [الطَّيَرَةُ شِرْكٌ، الطَّيَرَةُ شِرْكٌ - ثلاثًا](١)، وما منا إلّا، ولكن الله يُذْهِبُه بالتَّوكُل».
ثم قال بعده (٢): يُقال: إنّ هذا الكلام «وما منا … » إلى آخره، أنه من قول ابن مسعود. انتهى كلامه.
فأقول وبالله التوفيق: كلُّ كلامٍ [مَسُوقٌ](٣) في السياق، لا ينبغي أن يُقْبَلَ ممَّن يقول: إِنَّه مَدْرَجٌ، إلّا أن يجيءَ بحُجَّةٍ، وهذا الباب معروف عند المحدثين، وقد وضعت فيه كتب (٤)، وستمر منه أحاديث، ومن أشهرها قوله:
= وقال الترمذي بإثره: «وفي الباب عن أبي هريرة، وحابس التميمي، وعائشة، وابن عمر، وسعد. وهذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث سلمة بن كهيل، وروى شعبة أيضًا، عن سلمة بن كهيل هذا الحديث. سمعتُ محمّد بن إسماعيل يقول: كان سليمان بن حرب يقول في هذا الحديث: (وما منا ولكنّ الله يُذهِبُه بالتَّوكَّل) هذا عندي قول ابن مسعود: وما منا». والحديث صححه ابن حبان في صحيحه كتاب العدوى والطيرة والفأل (٤٩١/ ١٣) الحديث رقم: (٦١٢٢)، من طريق سفيان الثوري، به. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢٣٤/ ٧) الحديث رقم: (٤١٧٤)، وصححه الحاكم في مستدركه، كتاب الإيمان (٦٤/ ١) الحديث رقم: (٤٣) من طريق شعبة، أخبرني سلمة بن كهيل، به. قال الحاكم: «وعيسى هذا هو ابن عاصم الأسدي، كوفي ثقة»، ووافقه الحافظ الذهبي. (١) ما بين الحاصرتين زيادة متعيَّنة من سنن أبي داود (٤/ ١٧)، فقد أخلت بها هذه النسخة، وجاء في مطبوع بيان الوهم والإيهام (٥/ ٣٨٧): «الطيرة شرك، الطيرة شرك» مكررا مرتين فقط، دون قوله: «ثلاثا». (٢) عبد الحق في الأحكام الوسطى (٣/ ٣٠). (٣) في النسخة الخطية: «منسوق» بالنُّون بين الميم والسين، اسم مفعول، من: نَسَق، ولا يصح هنا، والمثبت من بيان الوهم والإيهام (٥/ ٣٨٧) اسم مفعول من ساق، وهو الصحيح. ينظر: معجم اللغة العربية (٢/ ١١٣٧)، مادة: (سوق) و (٣/ ٢٢٠٣)، مادة: (نسق). (٤) مثل: الفصل للوصل المدرج في النقل، للخطيب البغدادي، وليس فيه ذكر لهذا الحديث، وأن قوله: «وما منّا … » مُدْرَجٌ من قول ابن مسعود. وقال الحافظ في فتح الباري (١٠/ ٢١٣): وقوله: وما منا إلا … ، من كلام ابن مسعود. أُدرج في الخبر، وقد بينه سليمان بن حرب، شيخ البخاري، فيما حكاه الترمذي، عن البخاري، عنه. والحافظ ابن القطان اعتبر أنه لا حجة على هذا القول، لذلك صح الحديث بتمامه مرفوعًا، عنده، وينظر: كلامه الآتي بعد الحديث رقم: (١٦٣٨).