وكلها مما لم يذكر فيه سماعه، ولا هو من رواية الليث عنه، وهو فيها غير مخطئ؛ فإنه بإبرازه إياه قد أحال على ما شرح من أمره في الأحاديث المتقدمة، فهذا أحد النحوين.
وأما النحو الآخر: وهو ما سكت عنه، سكوته عما لا خلاف في صحته، من غير أن يبين أنه من روايته، فمن ذلك:
١٤٦٦ - حديث (١)«عالم المدينة»(٢).
صححه (٣) بتصحيح الترمذي (٤)؛ ولم يبين أنه من رواية ابن عيينة، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وابن جريج وابن عيينة وأبو الزبير كلهم مدلس (٥).
(١) بيان الوهم والإيهام (٤/ ٣٠٥) الحديث رقم: (١٨٦٥)، وهو في الأحكام الوسطى (١/ ٩٤). (٢) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب العلم، باب ما جاء في عالم المدينة (٥/ ٧٤) الحديث رقم: (٢٦٨٠)، من طريق سفيان بن عيينة، قال: عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن أبي صالح (ذكوان السمان)، عن أبي هريرة رواية: «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل، يطلبون العلم فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة». قال الترمذي: «هذا حديث حسن، وهو حديث ابن عيينة، وقد روي عن ابن عيينة، أنه قال في هذا: سئل من عالم المدينة؟ فقال: إنه مالك بن أنس». وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (١٣/ ٣٥٨) الحديث رقم: (٧٩٨٠)، وصححه ابن حبان في صحيحه، كتاب الحج، باب فضل المدينة، ذكر الخبر الدال على أن علماء أهل المدينة يكونون أعلم من علماء غيرهم (٩/ ٥٢ - ٥٣) الحديث رقم: (٣٧٣٦)، والحاكم في المستدرك، كتاب العلم (١/ ١٦٨) الحديث رقم: (٣٠٧). فقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم» ووافقه الذهبي. قلت: نعم رجال إسناده ثقات، غير أن ابن جريج مدلس، ولم يصرح فيه بالتحديث، وأبا الزبير صدوق مدرس أيضا وقد عنعن هو أيضا. والحديث ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (٨/ ٥٦) في ترجمة الإمام مالك بن أنس، برقم: (١٠)، ثم قال: «هذا حديث نظيف الإسناد، غريب المتن، رواه عدة عن سفيان بن عيينة». (٣) عبد الحق في الأحكام الوسطى (١/ ٩٤). (٤) تقدم في تخريج الحديث أن الترمذي حسنه ولم يصححه، ولذا ذكر ابن المواق الحديث في بغية النقاد النقلة (١/ ٢٥٥ - ٢٥٦) برقم: (١١٨)، وذكر أن عبد الحق نقل عن الترمذي أنه قال في الحديث: (هذا حديث حسن صحيح)، وذكره عنه ابن القطان، ثم تعقبهما بقوله: «قوله فيه: (صحيح) وهم، وإنما قال الترمذي: (حديث حسن)، لم يزد». (٥) ابن جريج وأبو الزبير، تقدم بيان حالهما وما ذكر من تدليسهما مرارا.