رده بأن قال (١): فيه إياس بن الحارث، لا أعلم روى عنه إلا نوح بن ربيعة (٢).
وما عمل به من هذا هو الصواب، لا ما عمل به من تصحيح أحاديث جماعة من هذا الصنف، والضعيف الذي أُنبه عليهِ ممَّا سكت عنه، هو ضعيف إِمَّا بضعف راو من رواته، وإما بكونه مجهولا البتَّةَ عَيْنُه وحاله، وإما بالانقطاع، أو الإعضال، أو الإرسال، وكل ذلك نبيِّنه إن شاء الله تعالى، وإما باضطراب في متنه، وإما الاضطراب في الإسناد، فلا نعده عليه، ولا نؤاخذه بهِ، إِلَّا أَنْ يكون الذي اضطربت روايته واختلف ما جاء عنه، من لم تثبت لدينا عدالته: إما من المساتير، وإما من مجهولي الأحوال، فإِنَّهُ إِذا كان كذلك، كان اضطرابه زيادة في ضعف الحديث به (٣).
وأقبح ما يكون التضعيف لأحاديث - سكت عنها - إذا كانَ بأحد ممن قد قدَّم هو فيه التضعيف ورد روايته، ولم يبين فيما سكت عنه أنه من روايته.
وسترى (٤) من ذلك كثيرا (٥). وأقلُّ ما كان يلزمه أن ينبه على كون الحديث من رواية أحدهم، وإن لم يُعد القول فيه.
وكثير من الأحاديث التي صححها بسكوته، اعتراه ذلك فيها لخفاية (٦) التجريح عليه في بعض رواتها، إما فيمن قد وثقه موثّقٌ، أو موثقون، وإما في المساتير، فعثر بهذا البحث على التجريح فيهم، فإن كان مفسرا فالخبر ضعيف، لوجوب تقديم جرح
= وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٢/ ٢٨٧) ترجمة رقم: (٩٩٩)، والمزي في تهذيب الكمال (٣/ ٤٠٠) ترجمة رقم: (٥٨٦)، وذكره ابن حبّان وحده في الثقات (٤/ ٣٥) ترجمة رقم: (١٧١٨). وقد ذكر له الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١٠/ ٣٢٢) عِدّة شواهد يتقوى بها. (١) عبد الحق في الأحكام الوسطى (٤/ ١٩٦). (٢) ينظر: تهذيب الكمال (٣/ ٤٠٠) ترجمة رقم: (٥٨٦). (٣) شبه الجملة «به» لم يرد في المطبوع من بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٦)، والضمير فيه يعود على المساتير ومجهولي الأحوال. (٤) في بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٦): «وسترى له». (٥) جاء بعده في بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٦): في هذا الباب، وهذا قد حذفه العلامة مغلطاي على مقتضى ترتيبه لهذا الكتاب. (٦) كذا في النسخة الخطية: «فيها لخفاية»، وفي بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٦): «فيما يخفى» ومعناهما واحد.