المجرَّح على تعديل المعدِّل، وإن كان غير مفسّر فالحديثُ حسن، للاختلاف في راو مِنْ رُواته (١)، ويفترق الأمر في هذا في حق مَنْ وثَّقه موثق أو موثقون، ومن هو من المساتير، فإِنَّهُ إِذا جرح [مَنْ](٢) قد وثقه قوم بجرح غير مفسّر، لم ينبغ أن يُسمع فيه ذلك الجرح ما لم يفسر، فإِنَّهُ لعله قد جرحه بما لا يراه غيره تجريحًا.
أما في المساتير فيضُرُّهم، فإنَّا قد كنا تاركين لرواياتهم للجهل بأحوالهم، فكيف وقد سُمِع فيهم (٣) التجريح، ومن لا يبتغي على الإسلام مزيدًا لا أراه يقبل أحاديث من قد يُسْمَعُ (٤) فيه الجرح غير المفسّر.
ولست أدَّعي - فيما أنبه عليه (٥) وأزعم أنه ليس بصحيح أو حسن، كما ذهب إليه أبو محمد - أَنِّي مصيب فيما ذهبت إليه من ذلك، ولكنه مبلغ علمي، بعد بحث يغلب لأجله الظن.
وإن لم يكن الأمر في بعضها كما ذهبت، فقد حصلت به فائدة الانبعاث للنظر المعرف بخطئي أو صوابي، والله تعالى أعلم.
٤٨ - وذكر (٦) من طريق الترمذي (٧)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
(١) في بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٦): «راو رواته» بإسقاط حرف الجر «من»، ولا بد منه. (٢) ما بين الحاصرتين زيادة متعينة من بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٦)، قد أخلت بها هذه النسخة. (٣) في المطبوع من بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٧): «فيه»، والمثبت من النسخة الخطية هو الذي يقتضيه هذا السياق، فالضمير فيه يعود على «المساتير». (٤) في بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٧): «سمع»، وهو الأظهر هنا. (٥) جاء بعده في بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٧): «في جميع هذا الباب»، وترتيب العلامة مغلطاي يستلزم حذف مثل هذه العبارات. (٦) بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٩) الحديث رقم: (١٤٥٠)، وهو في الأحكام الوسطى (١/ ٩٠). (٧) سنن الترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العلم (٥/ ٤٩ - ٥٠) الحديث رقم: (٢٤٨٦)، حدثنا أبو كريب قال: حدثنا خلف بن أيوب العامري، عن عوف الأعرابي، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ وذكره. وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (٨/ ٧٥) الحديث رقم: (٨٠١٠)، من طريق أبي كريب به. قال الترمذي: «هذا حديث غريب، ولا نعرف هذا الحديث من حديث عوف، إلا من حديث هذا الشيخ خلف بن أيوب العامري، ولم أر أحدًا يروي عنه غير محمد بن العلاء، ولا أدري كيف هو». وخلف بن أيوب العامري، أبو سعيد البلخي، قال أبو حاتم: يُروى عنه. وذكره ابن حبان =