وينبغي الآن أن نعرض عليك مُثلًا يَتَبَيَّنُ بها من مذهبه ما أخبرتك به من قبول أحاديث من ثبتت عدالته من هذا الصنف، ورد أحاديث من لم تثبت عدالته منهم. فأما ما اعتراه في ذلك من الخطأ [بتصحيح](١) أحاديثهم، فيأتي ذكر ذلك، فمما قبل من أحاديث من ثبتت عدالته منهم:
٣٨ - حديث (٢)«الأمر بدفن القَتْلَى فِي مصارعهمْ»(٣).
قال بإثره (٤): فيه نُبيح العَنَزيّ، وهو ثقة لم يرو عنه غير الأسود بن قيس (٥)،
(١) في النسخة الخطية: «بتصريح»، وهو تحريف واضح، والتصويب من بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢١). (٢) بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢١) الحديث رقم: (١٤٣٩)، ولم أقف عليه في الأحكام الوسطى لعبد الحق الإشبيلي، إنما ذكره في الأحكام الكبرى له (٢/ ٥٣٧). (٣) هذا الحديث قد نسبه عبد الحق في أحكامه الكبرى للنسائي، وهو في السنن الصغرى، كتاب الجنائز، باب أين يُدفن الشهيد (٤/ ٧٩) الحديث رقم: (٢٠٠٤)، وفي سننه الكبرى، كتاب الجنائز، باب أين يُدفن الشهيد (٢/ ٤٥٤) الحديث رقم: (٢١٤٢)، من طريق سفيان بن عيينة، عن الأسود بن قيس، عن نُبيح العَنَزيّ، عن جابر بن عبد الله ﵄، «أَنْ النَّبِي ﷺ أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إِلَى مَصَارِعِهِمْ، وَكَانُوا قَدْ نُقِلُوا إِلَى المَدِينَةِ». وأخرجه أيضًا أبو داود، كتاب الجنائز، باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك (٣/ ٢٠٢) الحديث رقم: (٣١٦٥)، وابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على الشُّهداء ودفنهم (١/ ٤٨٦) الحديث رقم: (٤٨٦)، والإمام أحمد في المسند (٢٢/ ٢٠٨) الحديث رقم: (١٤٣٠٥)، كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به. وأخرجه الترمذي في جامعه كتاب الجهاد، باب ما جاء في دفن القتيل في مقتله (٤/ ٢١٥) الحديث رقم: (١٧١٧)، والإمام أحمد في المسند (٢٢/ ٧٧) الحديث رقم: (١٤١٦٩)، من طريق شعبة بن الحجاج، والنسائي في السنن الصغرى (٤/ ٧٩) الحديث رقم: (٢٠٠٥)، وفي سننه الكبرى (٢/ ٤٥٤) الحديث رقم: (٢١٤٣)، من طريق سفيان الثوري، كلاهما شعبة والثوري، عن الأسود بن قيس به. وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح، ونبيح ثقة»، وقال النسائي بإثره في الكبرى: «نُبيحُ العَنَزِيُّ لم يرو عنه غير الأسود بن قيس». (٤) ينظر الأحكام الكبرى لعبد الحق (٢/ ٥٣٧). (٥) إنما نَسَب الإمام عبد الحق هذا الكلام لأبي زرعة، قال: قال أبو زرعة: نبيح العنزي ثقة، لم يرو عنه إلا الأسود بن قيس الأحكام الكبرى (٢/ ٥٣٧)، ولم أقف عليه في المطبوع من الأحكام الوسطى. وقول الإمامين عبد الحقِّ وابن القطان الفاسي تَبَعٌ لما حُكيَ عن أبي زرعة الرازي كما في الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (٨/ ٨٠٥)، ولما قاله النسائي من أن نبيح العنزي هذا لم يرو عنه غير الأسود بن قيس، وهو متعقّب بما ذكره المزي في تهذيب الكمال (٣١٤/ ٢٩)