فأما ما يقع له مما أثبته (١)، من سكوته عن الأحاديث ـ وهي من رواية هذا الصنف - فخطأ، فهذا قسم المساتير.
فأما قسم مجهولي الأحوال، فإِنَّهم [قوم](٢) أَنما رَوى عن كلِّ [واحد](٣) منهم واحد، لا يُعلم روى عنه غيره، فهؤلاءِ إِنَّما يقبل رواية أحدهم من يرى رواية الراوي العدل عن الراوي تعديلا له، كالعمل بروايته، فأما من لا يرى رواية الراوي عن الراوي تعديلا له، فإِنَّهم لا يقبلون رواية هذا الصنف إِلَّا أَنْ تُعلم عدالة أحدهم، فإِنَّهُ إِذا علمت عدالته، لم يضره أن لا يروي عنهُ إِلَّا واحد، فأما إذا لم تُعلم عدالته، وهو لم يَرْوِ عنه إِلَّا واحد، فإِنَّهُ لا يقبل روايته لا مَنْ يبتغي على الإسلام مزيدًا، ولا من لا يبتغيه.
وقد عمل أبو محمد في هَذَا بالصَّوابِ مِنْ رَدّ روايتهم وقبول رواية مَنْ عُلمت عدالته منهم، وأخطأه ذلك في قوم [منهم](٤)، صحح أيضًا أحاديثهم بالسكوت عنها، سنبين ذلك (٥) إن شاء الله تعالى.
فإن قيل: ولعله فيمن سكت عن حديثه من هؤلاء الذين ترى أنت أنه لم يرو عنهُ إِلَّا واحد، قد رأى هو فيهم ما لم ترَ، وعَلِم ما لم تعلم، وكذلك أيضًا في أحاديث المساتير الذين قد روى عن كل واحد منهم أكثر من واحد، إلَّا أن عدالة أحدهم لم تثبت لعله قد علم من تعديلهم ما لم تَعْلَم.
فالجواب أن أقول: فأعني على تعرُّف صوابه أو خطئه ببحث يرقى بك عن حضيض تقليده، وإذا فعلت ذلك فقد حصل المقصود [٩/ ٢]، ولعلك إذا فعلت ذلك عرفت صحة قولي، فإن آحاد من اعتراه ذلك فيهم استوى أهل هذا الشأن في العلم بأحوالهم، وسترى ذلك بعد (٦) إن شاء الله تعالى.
(١) جاء بعده في بيان الوهم والإيهام (٤/ ١٩): «في هذا الباب». (٢) تحرف في النسخة الخطية إلى «نور»، والتصويب من بيان الوهم والإيهام (٤/ ١٩). (٣) كلمة «واحد» تكررت في النسخة الخطية خطأ، وهي في بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٠) على الصواب. (٤) شبه الجملة: «منهم» سقطت من النسخة الخطية، استدركتها من بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٠)، وهي زيادته متعيَّنة، خشية حَمْل الكلام على العموم. (٥) في بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٠): تبين ذلك في هذا الباب وهذا التغيير على مقتضى الترتيب لهذا الكتاب كما ذكرت قريبا. (٦) في بيان الوهم والإيهام (٤/ ٢٠): «فيما نذكره منه».