للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والحق في هذا هو أن جميعهم مجهولون؛ لأنّهم لما لم يثبت أن أحدًا منهم روى عنه إلا واحد، فهو لم يثبت لنا منه بعد أنه مسلم، فضلًا عن كونه ثقةً، ولو ثبت لدينا كونه عَدْلًا لا يضرُّه أن يكون لا يروي عنه إلا واحد، وهذا الفضل أيضًا قد بينا عمله فيه (١)، وكذلك لو ثبت لنا أنه مُسلم لم يَضُرَّه أن لا يروي عنه جماعة، والتحق بالمساتير الذين روى عن كلّ واحدٍ منهم اثنان فأكثر، الذين حكمهم أنهم مختلف فيهم، بحسب الاختلاف في ابتغاء مزيدٍ على الإسلام، والسلامة من الفسق الظاهر.

والحق فيهم أنهم لا يُقبَلُون ما لم تثبت عدالتهم، وأنهم بمثابة المجاهيل الأحوال، الذين لم يرو عن أحدهم إلا واحد، فإنا إذا لم نعرف حال الرجل لم تَلزَمْنا الحُجَّةُ بِنَقْلِه.

وما ذَكَرهُم مُصنِّفُو الرِّجالِ مُهمَلِينَ من الجرح والتعديل، إلا لأنّهم (٢) لم يَعْرِفُوا أحوالهم، وأكثَرُهم إنّما وُضِعُوا في التراجم الخاصة بهم في كُتب الرجال؛ أخذا من الأسانيد التي وَقَعُوا فيها، فهم إذا مجاهيل حقًا.

وإذ قد بلغنا إلى هنا فلْنَعُدْ إلى المقصود، وهو بيانُ أمْرِ سليمان بن معاذ هذا، وإنّما خَفِيَ عليه أمره؛ لأنه إنّما يبحث عن الرجل حين الحاجة إليه بالمطالعة في بابه، فقصد فيه إلى باب سليمان، والميم من أسماء الآباء، إما من كتاب البخاري أو ابن أبي حاتم، أو المُنْتَجالي، أو الساجي، أو العقيلي، أو أبي أحمد، أو غيرهم؛ ممن لا أعلَمُه الآن يبحث عن الرجال عنده، فإنَّ أكثر فَزَعِه إنّما هو إلى هؤلاء، فلمّا لم يَجِدْهُ في الباب الذي قصد إليه ظنّه غير مذكور، ولم يعلم أنه سليمان بن قَرْمِ بنِ معاذ، نُسِبَ إلى جده في الإسناد، وهو معروف إلا أنه ضعيف، ولو قصد باب القافِ من أسماء الآباءِ ممّن اسمه سليمان، لم يخف عليه أمره.

ولما ذكر البزار هذا الحديث، كما ذكره أبو داود، من رواية يعقوب بن


(١) من قوله: «وهذا الفصل … » إلى هنا، ممحو من أصل بيان الوهم والإيهام فيما ذكر محققه (٥٢١/ ٥)، وأثبت بدلًا منه بين حاصرتين، ما نصه: «لأنّ العدد ليس بشرط في الرواية، و … »، وذكر أنه أتمه اعتمادًا على السياق.
(٢) في مطبوع بيان الوهم (٥٢٢/ ٥): «أنهم» دون لام التعليل والمثبت من النسخة الخطية هنا هو الأظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>