وقال ابن الأنباري (٣): قال الفراء: في "أمْ" وجهان: إن شئت جعلتها هي الاستفهام، وإن شئت جعلتها نسقًا على قوله:{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ}.
وقال قوم من أهل المعانِي (٤): الوقف على قوله: "أمْ"، وعنده تَمامُ الكلامِ (٥)، وفي الآية إضمارٌ، مَجازُها: أفلا تبصرون أم تبصرون؟ ثم ابتدأ، فقال:"أنا خَيْرٌ"؛ أي: أفضل {مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} ضعيفٌ حقير، يعنِي موسى عليه
(١) معانِي القرآن ١/ ٧٢، ٢/ ٢٩٩. (٢) تقدم برقم ٨٤ ص ٢٦٧، برواية: "أمِ القَوْمُ أوْ كُلٌّ". (٣) إيضاح الوقف والابتداء ص ٨٨٤، ٨٨٥، وهذا النص الذي نقله ابن الأنباري عن الفراء هو معنى كلام الفراء، وليس نص كلامه، فقد قال الفراء: "وقوله: "أمْ أنا خَيْرٌ مِنْ هَذا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ" من الاستفهام الذي جُعِلَ بـ "أمْ" لاتصاله بكلام قبله، وإن شئت رددته على قوله: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ}. معانِي القرآن للفراء ٣/ ٣٥. (٤) يعني أن "أم" متصلة، والمُعادِلُ محذوفٌ، وهذا قول سيبويه، فقد قال: "ومثل ذلك: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ}، كَأنّ فرعون قال: أفلا تبصرون أم أنتم بُصَراءُ؟ فقوله: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ} بِمَنْزِلةِ "أم أنتم بُصَراءُ؟ "؛ لأنهم لو قالوا: أنت خَيْرٌ منه، كان بِمَنْزِلةِ قولهم: نحن بصراء عنده". الكتاب ٣/ ١٧٣، وهو قول الأخفش أيضًا، قاله في معانِي القرآن ص ٢٩ - ٣٠، وينظر: الكشف والبيان ٨/ ٣٣٩، الكشاف ٣/ ٤٩٢، أمالِيُّ ابن الشجري ٣/ ١١٠، البحر المحيط ٨/ ٢٣، الدر المصون ٦/ ١٠٢ - ١٠٣. (٥) وَقَفَ على "أمْ": نافعٌ ومجاهدٌ وعيسى بنُ عمر ويعقوبُ، ينظر: المكتفى للدانِي ص ٣٢٠، تفسير القرطبي ١٦/ ١٠٠.