"وقَرأَ حمزةُ والكِسائيُّ: {سَكْرَى وَما هُمْ بِسَكْرَى} بفتح السِّين من غير ألفٍ وبالإمالة، قال الفَرّاء (١): وهو وجهٌ جيِّدٌ في العربية؛ لأنه بمنزلة: الهَلْكَى والجَرْحَى والمَرْضَى والزَّمْنَى، والعربُ تجعل "فَعْلَى" علامةً لِجَمْعِ كُلِّ ذي زَمانةٍ وضَرَرٍ وهلاكٍ، ولا يبالونَ أكان واحدُهُ "فاعلاً" أو "فعيلًا" أو "فَعْلانَ".
الثانية: النَّقل عن الفَرّاء بدون الإشارة إليه، ومن أمثلته ما يلي:
١ - في قوله تعالى:{وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}(٢)، قال الجِبْلي (٣): "كان حقُّه: وأسرَّ؛ لأنه فعلٌ تقدَّم الاسمَ، واختلف النُّحاة فيه، فمنهم من قال:{الَّذِينَ ظَلَمُوا} في محلِّ الخَفْض على أنه تابعٌ للناس في قوله عزّ وجلّ: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ}(٤). اهـ، وهذا قولُ الفَرّاء في معاني القرآن (٥).
٢ - في قوله تعالَى:{بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ}(٦)، قال الجِبْلي (٧): "والعربُ تضَعُ "بَلْ" موضعَ "أَمْ"، و"أَمْ" موضعَ "بَلْ" إذا كان في أول الكلام استفهام، كقول الشاعر:
فواللَّهِ ما أَدْرِي أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ... أمِ القَوْمُ أو كُلٌّ إِلَيَّ حَبِيبُ
أي: بل كلٌّ". اهـ، وهذا نصُّ كلام الفَرّاء في معانِي القرآن (٨).