يعني المنتصرين {مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١)}؛ أي: من جُناجٍ ولا عدوان حين اقْتَصَّ من الجارح، وهو شرط وجزاء (١).
{إِنَّمَا السَّبِيلُ} يعني العقوبة والمؤاخذة {عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} معتدين بالظلم، {وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} يعملون فيها بالمعاصي، {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٢)} وجيع {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَر} فلم يَقْتَصَّ وتَجاوَزَ {إِنَّ ذَلِكَ} الصبر والتجاوز {لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣)}؛ يعني: من خير الأمور التي أمَرَ اللَّهُ بها.
واللام في "لَمَنْ صَبَرَ"، وفي قوله:{وَلَمَنِ انْتَصَر} لام الابتداء دخلت على حرف الشرط (٢)، واللام في قوله:{لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} لام الخبر، دخلت على حرف الجر، وقال الأخفش (٣): هي لام الابتداء، قال ثعلب (٤): وهذا خطأ؛ لأن العرب إذا أدخلت اللام في أول الجزاء جاءت بجواب الأيمان بـ "ما" و"لَا" و"إنّ" واللامِ، كما قال تعالى:{لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ}(٥)، فجاء بـ "لا" جوابَ اللامِ الأولى. هكذا ذكره النَّقّاشُ (٦).
(١) يعني أن "مَنْ" في قوله: "وَلَمَنِ اَنتَصَرَ" شرطية، وهذا وجه، وفيها وجه آخر وهو أن تكون "مَنْ" موصولةً، وإنما دخلت الفاء في خبرها لِشَبَهِ الموصول بالشرط، وكذلك قوله: "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" يجوز فيه الأمران، ينظر: الفريد للمنتجب الهمدانِيِّ ٤/ ٢٤٦، البحر المحيط ٧/ ٥٥٥، مغني اللبيب ص ٦٤٨، الدر المصون ٦/ ٨٦. (٢) يعني الحرف بمعناه اللغوي؛ لأن "مَن" الشرطية اسم بلا خلاف. (٣) معانِي القرآن ص ٤٧٠. (٤) ينظر قوله في تهذيب اللغة للأزهري ١٥/ ٤١١. (٥) الحشر ١٢. (٦) في شفاء الصدور ورقة ١١٧/ ب.