وقمرها ونجومها، وخلق في كل سماءٍ مِنَ الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البَرَدِ والثُّلُوجِ ما لا يعلمه إلا هو، {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا} نصبٌ على المصدر، أي: وَحَفِظْناها من استماع الشياطين بالكواكب حِفْظًا (١)، وقيل (٢): هو منصوبٌ على المعنى، كأنه قال: زِينةً وحِفْظًا {ذَلِكَ} يعني: الذي ذكر من صنعه {تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ} فِي ملكه {الْعَلِيمِ (١٢)} بخلقه.
قوله:{فَإِنْ أَعْرَضُوا} يريد: عن الإيمان بعد هذا البيان، {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً} نصبٌ بِنَزْعِ الصفة، تقديره: بصاعقةٍ {مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (١٣)} أي: هلاكًا مثل هلاكهم، والصاعقة: المُهْلِكةُ من كل شيءٍ.
قوله عَزَّ وَجَلَّ:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ} يعني: على قوم عادٍ {رِيحًا صَرْصَرًا} أي: باردةً شديدةَ الصوتِ والهُبُوبِ، وهي الدَّبُورُ مأخوذةٌ من الصِّرِّ وهو البَرْدُ (٣)، وأصله من الصَّرِيرِ، فضُوعِفَ كما يقال: نَهْنَهْتُ وكَفْكَفْتُ.
وقوله:{فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} يعني: متتابعاتٍ شديداتٍ نَكِداتٍ مَشْئُوماتٍ، ذوات نُحُوسٍ عليهم، ليس فيها من الخير شيءٌ، قرأ أبو جعفرٍ وابن عامرٍ
(١) يعني أنه مصدر، والعامل فيه محذوف، وهذا قول الأخفش والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص ٤٦٥، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٨٢، وينظر أيضًا: الفريد للهمداني ٤/ ٢٢٥. (٢) يعني أنه مفعول له، معطوفٌ على مفعولٍ له آخَرَ محذوفٍ، والتقدير: وزَيَّنّا السماءَ الدنيا زِينةً وحِفْظًا أي: للزينة والحفظ، وقد أجاز الزمخشري والعكبري هذا الوجه، ينظر: الكشاف ٣/ ٤٤٧، التبيان للعكبري ص ١١٢٤، وبه قال السجاوندي في عين المعانِي ورقة ١١٧/ أ، قال أبو حيان: "ولا حاجة إلى هذا التقدير الثانِي وتَكَلُّفِهِ، مع ظهورِ الأولِ وسهولتِهِ". البحر المحيط ٧/ ٤٦٨، وينظر: الفريد للهمداني ٤/ ٢٢٥، الدر المصون ٦/ ٥٩. (٣) ينظر: معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٢٥٤، تهذيب اللغة ١٢/ ١٠٦ - ١٠٧.