فنصب "تَسْألَ" على موضع الذِّكْرَى؛ لأن معنى الكلام: فمالك منها إلا أن تَذْكُرَ، ومنه قوله عَزَّ وَجَلَّ:{أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا}(٢) عطف {يُرْسِلَ} على موضع الوحي فِي قوله: {إِلَّا وَحْيًا}.
قوله: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٥٩)} قرأ العامة بفتح الكاف والتاء جميعًا، وقرأت عائشة رضي اللَّه عنها بكسرها أجْمَعَ، رَدَّتْها إلى النَّفْسِ، ورُوِيَ ذلك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قالت أم سلمة: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- [يقرأ]: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}(٣) على مخاطبة النفس.
قوله تعالى:{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ} فزعموا أن له ولدًا وشريكًا {وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} رفع على الابتداء والخبر، وقال صاحب
(١) البيت من الطويل، لَمْ أقف على قائله. التخريج: معانِي القرآن للفراء ٢/ ٤٢٣، جامع البيان ٢٤/ ٢٧، الكشف والبيان ٨/ ٢٤٨، المحرر الوجيز ٤/ ٥٣٨، عين المعانِي ورقة ١١٥/ أ، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٧٢، البحر المحيط ٧/ ٤١٨، الدر المصون ٦/ ٢٠، فتح القدير ٤/ ٤٧٢، روح المعانِي ٢٤/ ١٨. (٢) الشورى ٥١. (٣) وهي أيضًا قراءة أُمِّ سَلَمةَ والشافعيِّ وأبِي بكر وابنِ يَعْمُرَ والجَحْدَرِيِّ وأبي حَيْوةَ والزعفرانيِّ وابنِ مِقْسَمٍ ومحمدِ بنِ عيسى، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٣٢، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٧٣، البحر المحيط ٧/ ٤١٩. والحديث رواه أبو داود في سننه ٢/ ٢٤٦ كتاب الحروف والقراءات، والطبرانِيُّ في المعجم الكبير ٢٣/ ٣٩٥، والحاكم في المستدرك ٢/ ٢٣٧، كتاب التفسير: القراءات، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ١٠١، كتاب التفسير: سورة الزمر.