بمعنى:"مِنْها"، وقد تقدَّم نظيرُها في سورة {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}، وهو قولُه تعالى:{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}(١).
حـ - "مِنْ" بمعنى: الباء، ففي قوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}(٢)، قال الجِبْلي (٣): "يعني: الرِّياحُ ذواتُ الأعاصير، و"مِنْ" معناه: الباء، كأنه قال: بالمُعصِرات، كقوله: {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلَامٌ} (٤)، وكذلك كان عِكرمةُ يقرؤها:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا}.
٦ - اختار مذهبُ الكوفيِّين في نصبِ الفعل على الصَّرف في نحوِ قوله تعالى:{وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا. . .} الآية (٥)، فقد قال (٦): "قرأ أهلُ المدينة والشام: {وَيَعْلَمُ} بالرَّفع على الاستئناف، كقوله تعالى في سورة براءةٌ:{ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}(٧)، وقرأَه الآخَرون نصبًا على الصَّرف، كقوله تعالى:{وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}(٨) صُرِفَ من حالِ الجزم إلى النَّصب استخفافًا، وكراهيةً لتوالي الجزم".
٧ - اختياره قولَ الفَرّاء والزَّجّاج في أنّ "إلّا" في الاستثناء المنقطع بمعنى "سوى"، ففي قوله تعالى:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}(٩)،