على ما عملوا، {كُلٌّ} رفعٌ بالابتداء، و {جَمِيعٌ} خبره، و {مُحْضَرُونَ} نعته.
ثم وعظ كفار مكة ليعتبروا، فقال:{وَآيَةٌ لَهُمُ} ابتداءٌ {الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ} خَبَرُهُ؛ أي: يَدُلُّهُم على قدرتنا على البعث إحياءُ الأرض بالنبات بعد أن كانت مَيْتةً لا تنبت شيئًا، وهو قوله:{أَحْيَيْنَاهَا} يعني: بالمطر {وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)} يعني: ما يُقْتاتُ من الحبوب، وقرأ نافع:"الْمَيِّتةُ" بالتشديد (١).
قوله:{وَجَعَلْنَا فِيهَا} يعني: في الأرض {جَنَّاتٍ} بساتين {مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} يعني: من ثَمَرِ النخيل، كنايةً عن غير مذكورٍ، وهو في اللفظ مذكَّرٌ، قرأ الأعمش بضم الثاء وسكون الميم، وقرأ طلحة ويحيى وحمزة والكسائي وخلَفٌ بضم الثاء والميم، وقرأ الباقون بفتحهما (٢).
قوله:{وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} يعني: لَمْ يكن ذلك من صنع أيديهم، ولكنه من فعلنا {أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥)} رَبَّ هذه النعمة فيوحدونه، ومحلُّ "ما" خفضٌ بالعطف على {ثَمَرِهِ}، ويجوز أن يكون نصبًا.
قرأ العامة:"وَما عَمِلَتْهُ" بالهاء، وقرأ عيسى بن عمرو أهل الكوفة إلا حفصًا:"عَمِلَتْ" بغير هاءٍ (٣)، ويجوز في "ما" ثلاثة أوجه، أحدها: الجحد
= {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: ٣٢] إنما هي: لَجَمِيعٌ، و"ما" لغو". الكتاب ٢/ ١٣٩، وينظر أيضًا: مجاز القرآن ٢/ ١٦٠، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٨٦، إعراب القرآن ٣/ ٣٩٣، المسائل المشكلة ص ١٧٥ وما بعدها، ٣٨١ وما بعدها، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٢٥. (١) وهي أيضًا قراءة أبِي جعفر، ينظر: النشر ٢/ ٢٢٤، الإتحاف ٢/ ٤٠٠. (٢) ينظر: القرطبي ١٥/ ٢٥، البحر المحيط ٧/ ٣٢٠، النشر ٢/ ٢٦٠، الإتحاف ٢/ ٢٥، ٤٠٠. (٣) ينظر: السبعة ص ٥٤٠، إعراب القراءات السبع ٢/ ٢٣١، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٢١٦، النشر ٢/ ٣٥٣، الإتحاف ٢/ ٤٠٠.