أشبه "قابيل" من جهة الزِّنةِ والحروف الصحاح، و"يس" أوَّلُهُ حَرْفُ عِلّةٍ، وليس مِثْلُ ذلك في الأسماء المفردة، فأشبه الجملة والكلامَ التامَّ، وشاكَلَ ما بعده من رؤوس الآيِ (١).
ومحلُّ {يس} من الإعراب رَفْعٌ؛ لأنه نداء مفردٍ (٢) على قول من فَسَّرَهُ: يا إنسان، وقد يجوز أن يكون محلُّه رفعًا بابتداءٍ محذوفٍ، تقديره: هذا الكتاب (٣)، وقد يجوز أن يكون نصبًا؛ لأنه مفعولٌ، تقديره: اذكر يس، أو اقرأ يس (٤)، ويجوز أن يكون نصبًا بِنَزْعِ حَرف القَسَم، ويجوز أن يكون خفضًا بإضمار حرف القَسَم (٥).
قوله: {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢)} القرآن: خفضٌ بواو القَسَم، و {الْحَكِيمِ} نعته، أقسم اللَّه بالقراَن المحكَم من الباطل {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣)} جوابٌ لقول كفار مكة: {لَسْتَ مُرْسَلًا}(٦)، وما أرسل اللَّه إلينا رسولًا، {عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤)} يعني دِين الإسلام الذي لا عِوَجَ فيه.
(١) هذا السؤال وإجابته نقلهما المؤلف عن الثعلبي في الكشف والبيان ٨/ ١٢٠، وينظر أيضًا: المحرر الوجيز ٤/ ٤٤٦. (٢) في الأصل: "ومحل "يس" من الإعراب رفع بالابتداء لأنه نداء مفرد". (٣) أو على تقدير: هذه يس، ينظر: الدر المصون ٥/ ٤٧٤. (٤) قاله سيبويه والأخفش، ينظر: الكتاب ٣/ ٢٥٨، معانِي القرآن للأخفش ص ٢٠، وينظر أيضًا: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٧٧، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٢٠. (٥) الوجهان قالهما العكبري، ولكنه أضاف قائلًا: "وقيل: الكسرة كسرة إعراب، والجَرُّ لحرف القسم مُقَدَّرًا. وهو ضعيف جِدًّا إذْ لو كان كذلك لَنُوِّنَ". إعراب القراءات الشواذ ٢/ ٣٥٤، ٣٥٥، وينظر: البحر المحيط ٧/ ٣١٠، الدر المصون ٥/ ٤٧٤. (٦) الرعد ٤٣.