وقيل: هو على المصدر عند سيبويه (١) مثلَ: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}(٢)، ومحل "الَّذِي": رفع أو خفض على النعت أو البدل، ويحتمل أن يكون رفعًا على خبر ابتداءٍ محذوف تقديره: هو الذي، ويجوز أن يكون محله: نصبًا على المدح (٣).
قوله:{وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ} هو يعني: آدم -عليه السّلام- {مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ} هو يعني: ذريته {مِنْ سُلَالَةٍ}؛ أي: من نطفة، سُمِّيت بذلك لأنها تَنْسَلُّ من الإنسان؛ أي: تخرج منه، ومنه قيل للولد: سلالة، وقيل: هي صفوة الماء، وقوله: {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨)}؛ أي: ضعيف حقير، يعني: النطفة، ومعنى السُّلالة فِي اللغة: ما يَنْسَلُّ من الشيء القليل، وكذلك الفُعالةُ نحو: الفُضالةِ والنُّخالةِ والنُّخامةِ والقُلَامةِ والقُوارةِ، وما أشبه ذلك، هذا قياسه، قاله العَزِيْزِيُّ (٤).
قوله:{ثُمَّ سَوَّاهُ}؛ أي: سَوَّى خَلْقَهُ بعد أن لم يكن، {وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} يعني: من أمره، {وَجَعَلَ لَكُمُ}؛ أي: وخلق لكم {السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} وإنما قال: {السَّمْعَ} ولم يقل: الأسماع؛ لأنه مصدر، والمصادر لا تُثنَّى ولا تجمع (٥).
(١) الكتاب ١/ ٣٨١، وهو عنده مصدر مؤكِّد. (٢) النمل ٨٨. (٣) تنظر هذه الأوجه في الدُّر المصون ٥/ ٣٩٥. (٤) تفسير غريب القرآن لأبِي بكر العَزِيزِيِّ السجستانِيِّ ص ١٢٤. (٥) قاله النَّحاس في إعراب القرآن ٣/ ٢٩٢، ٢٩٣.