وقيل: هي تنبيه بمنزلة "أَلا" و"أَما"، وقال القتيبي (١): معناه: رَحْمةً لهُ بلغة حِمْيَرٍ.
وقال سيبوَيْه (٢): سألتُ الخليل عنه، فقال:"وَيْ": كلمة تنبيه منفصلة من "كَأَنَّ"، ومعناها: التعجب. و"كَأَنَّ" في معنى الظن والعلم كما تقول: وَيْ لِمَ فعلتَ ذلك وكأنّ الفرج قد أتاك؟ أي: أظن ذاك وأقدِّر (٣). وقال يعقوب الحَضْرمي (٤): "وَيْ كَأَنَّ" كلمتان، وأنشد:
١٠٣ - وَيْ كَأَنَّ المَسَرّةَ لا تَدُومُ... ولا يَبْقَى على الْبُؤْسِ النَّعيمُ (٥)
قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}؛ أي: لا تَعْبُدْ يا محمد معه غيرَهُ، ثم وَحَّدَ نفسَهُ فقال:{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} يعني: كلُّ شيء من الحيَوان يموت.
ثم استثنى نفسه بأنه حَيٌّ لا يموتُ، فقال:{إِلَّا وَجْهَهُ}، واختلفوا في معناه، فقال قوم: إلا هو {لَهُ الْحُكْمُ} يعني: القضاء {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨)} تُرَدُّونَ
(١) تأويل مشكل القرآن ص ٢٧. (٢) الكتاب ٢/ ١٥٤ باختلاف كبير في لفظه، وينظر: العين للخليل ٨/ ٤٤٣. (٣) قاله ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ص ٣٩٦ - ٣٩٧، وينظر: غريب القرآن للسجستاني ص ١٢٢. (٤) ينظر قول يعقوب وإنشادُهُ في شفاء الصدور للنقاش، النسخة الثانية ورقة ٧٤. (٥) البيت من الوافر، ووزنه مضطرب على هذه الرواية، والرواية الصحيحة له: "أَلَا وَيْكَ المَسَرّةُ"، ويُرْوَى: "أَلَا تِلْكَ المَسَرّةُ"، وهو لامرأة من هذيل تبكي ابْنًا لها كان خالد بن الوليد قد قتله. التخريج: الصاحبي ص ٢٨٢، العقد الفريد ٣/ ٢٦٠، معجم البلدان: "ود" ٥/ ٤٠٩، البحر المحيط ٧/ ١٣١، بلاغات النساء لابن طيفور ص ١٩٣، الدر المصون ٥/ ٣٥٤، روح المعاني ٢٠/ ١٢٤.