قوله تعالى:{وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ} يضربونه لك فِي إبطال أمرك {إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ} لنبطل به كيدهم {وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (٣٣)} مما أَتَوْا به من المثل، أي: أحسن بيانًا وكشفًا، والتفسير:"تفعيل"، من الفَسْر، وهو: كَشْفُ ما غُطِّيَ، وهو منصوبٌ على التفسير.
وقوله:{الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ} قال مُقاتلٌ: هم كفارُ مكّة، وذلك أنّهم قالوا لمحمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابِهِ: هم شَرُّ خَلْقِ اللَّه، فقال اللَّه تعالى:{جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا} يعني: منزلًا ومصيرًا {وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٣٤)} يعني: دينًا وطريقًا من المؤمنينَ، ونَصْب {مَكَانًا} و {سَبِيلًا}: على التمييز.
قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ (٣٧)} بالطُّوفان، قال الزَّجّاج (١): مَن كَذَّبَ نَبِيًّا فقد كَذَّبَ جميعَ الأنبياء.
ونَصْب {قَوْمَ نُوحٍ} بإضمار: اذكرْ، أو على العطف على المضمَر في {فَدَمَّرْنَاهُمْ}(٢)، ويجوز أن يكون معطوفًا على الضمير في {جَعَلْنَاهُمْ}(٣)، وزَعَم الفَرّاء أنه منصوبٌ بـ {أَغْرَقْنَا}(٤)، وهذا لا يحصل؛ لأن {أَغْرَقْنَا} ليس ممّا يتَعدَّى إلى مفعولَيْن، فيعملَ في المضمر (٥).
وكذلك قوله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ
(١) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٦٧، ٦٨. (٢) في قوله تعالى: {فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا}. الآية ٣٦. (٣) إذا كان يعني أنه معطوف على الضمير فِي {وَجَعَلْنَاهُمْ} الآتي فهذا غير جائز؛ لأنه لا يتقدم المعطوف على المعطوف عليه، كما أنه غير مستقيم من جهة المعنى. (٤) معاني القرآن ٢/ ٢٦٨. (٥) قاله النحاس في إعراب القرآن ٣/ ١٦١.