وقوله:{وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} قرأه العامّة {نُزِّلَ} بنونٍ واحدة مع التشديد على الفعل المجهول، وقرأ ابن كثير (١): {نُنْزِلُ} بنونَيْن مع التخفيف ونَصْبِ الملائكة: منَ الإنْزال، وجَعَلَ الفِعْلَ منَ الإنْزالِ والمَصْدَرَ عَلَى "فَعَّلَ"؛ لأَنَّ "أَنْزَلَ" مِثْلُ: "نَزلَ"، كقوله تعالى {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}(٢).
قوله تعالى:{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ} يعني: يومَ القيامة {الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} مبتدأٌ وخبر، وأجاز أبو إسحاقَ نصبَ الحق بمعنى: أُحِقُّ الحقَّ، أو: أعني الحقَّ (٣)، قال ابن عباس: يريدُ أنّ يوم القيامة لا مَلِكَ يقضي فيه غَيْرُهُ {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦)} عَسُرَ عليهم ذلك اليومُ لشدّتِه ومشقَّتِه، ويُهَوَّنُ على المؤمنين كأَدْنَى صلاةٍ صَلَّوْها في دار الدنيا، وفي الآية تبشيرٌ للمؤمنين، حيث خَصَّ الكافرين بشدة ذلك اليوم وعُسْرِهِ.
قوله:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} يعني: عُقبةَ بنَ أبي مُعَيْط يأكل يدَيْه نَدَمًا وتَحَسُّرًا حتى تذهبا إلى المِرفَقَيْن ثم تَنْبُتانِ، فلا يزال هكذا، كلما نبتت يداه أَكَلَهُما ندامةً على ما فعل، {يَقُولُ يَالَيْتَنِي} فَتَح ياءه أبو عَمْرو (٤)، وأسكنه الباقون.
(١) وهي أيضًا قراءة ابن محيصن، ورُوِيتْ عن أبِي عمرو، ينظر: السبعة ص ٤٦٤، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٢٠، حجة القراءات ص ٥١٠، البحر المحيط ٦/ ٤٥٣، الإتحاف ٢/ ٣٠٧ - ٣٠٨. (٢) المزمل ٨، وينظر: معاني القراءات ٢/ ٢١٦، الحجة للفارسي ٣/ ٢١٠، ٢١١. (٣) يعني: على المفعول المطلق أو على المفعول به، وهذا. في غير القرآن، قال الزَّجّاج: "ولم يُقْرَأْ بها، فلا تَقْرَأَنَّ بها". معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٦٥. (٤) ونافعٌ فِي رواية أبي خُلَيْدٍ عنه، ينظر: السبعة ص ٤٦٤، إعراب القراءات السبع ٢/ ١٢٠، الإتحاف ٢/ ٣٠٨.