ولِواذًا، ولو كان مصدرًا لـ "لُذْتُ" لقال: لِياذا، مثل: القِيامِ والصِّيامِ (١)، ويقال أيضًا: لَاذَ يَلُوذُ لِواذًا ولِياذًا بقلب الواو ياءً (٢).
قيل (٣): نَزَلت هذه الآيةُ في المنافقينَ، كانوا معَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حَفْرِ الخندق، وكانوا يذهبون بغير أَمْرِهِ مُخْتَفِينَ، وقيل (٤): كان يَثْقُلُ عليهم خطبةُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ الجمُعة فيَلُوذونَ ببعضِ أصحابه، فيَخرُجون من المسجد في استتارٍ من غير استئذان.
ومعنى قوله:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ} التهديدُ بالمجازاة، ثم حَذَّرَهُم الفتنة والعذاب، فقال تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}؛ أي: أَمْرَهُ، و {عَنْ}: صلةٌ (٥)، وقيل (٦): معناه: يُعرِضون عن أمره، وينصرفون عنه بغير إذنه، وقيل: معنى قوله: {عَنْ أَمْرِهِ} يعني: عن أمر اللَّه سبحانه.
وقوله:{أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} يعني: الكفر، وقيل: بلاءٌ في الدنيا {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)}؛ أي: وجيع في الآخرة، وقيل: القتل في الدنيا.
(١) قاله ابن الأنباري في الزاهر ١/ ٣٣٨. (٢) قلبت الواو ياءً في "لِياذٍ"؛ لأن الفعل "لاذَ" أُعِلَّ فتبعه المصدر في الإعلال، أما اللواذ فإنه لم يُعَلَّ لأن فعله "لاوذ" لم يُعَلَّ، ينظر: إعراب القرآن ٣/ ١٥٠، تهذيب اللغة ١٥/ ١٥، شرح شافية ابن الحاجب للرضي ٣/ ١٣٧. (٣) ينظر: الكشف والبيان ٧/ ١٢١. (٤) ينظر: الكشف والبيان ٧/ ١٢١، الوسيط ٣/ ٣٣١. (٥) قاله أبو عبيدة وابن قتيبة، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٦٩، تأويل مشكل القرآن ص ٢٥١، وحكاه أبو حيان عن الأخفش في البحر المحيط ٦/ ٤٣٧. (٦) يعني أنَّ {يُخَالِفُونَ} ضُمِّنَ معنى فعل آخر، وهو قول البصريين، ينظر: أمالي ابن الشجري ١/ ٢٢٤، ٢٨٣، التبيان للعكبري ص ٩٧٩، عين المعانِي ورقة ٩٠/ ب، الفريد ٣/ ٦١٧، أمالي ابن الحاجب ١/ ٢٦٨.