خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} قَرأَ ابنُ عامرٍ وأبو بكرٍ كلاهما: {عَظْمًا} على الواحد، وقرأها الباقونَ على الجَمْع (١)، قال الزَّجّاج (٢): التوحيدُ والجَمعُ جائزان، والواحد يدُلُّ على الجمع، كما قال الشاعر:
٢٣ - في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقد شَجِينا (٣)
يريد: في حُلوقِكم عظامٌ، والشَّجا: عَظْمٌ يعتَرض في الحلق.
وقوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ}؛ أي: خلقناه خلقًا آخر، يعني: لَمّا نَفَخَ فيه الرُّوحَ صار خلقًا آخَر، وهو منصوبٌ على المصدر (٤)، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤)} المُصَوِّرِينَ والمُقَدِّرِينَ، والخَلْق في اللغة: التقدير، يقال: خَلَقْتُ الأَدِيمَ: إذا قِسْتَهُ لِتَقْطَعَ منه شيئًا (٥).
(١) قرأ "عَظْمًا" بالإفراد ابنُ عامر وأبو بكر عن عاصم وقتادةُ وأبان والمفضل والحسن والأعمش ومجاهد وابن محيصن، وقرأ الباقون وحفصٌ عن عاصم {عِظَامًا} بالجمع، ينظر: السبعة ص ٤٤٤، الكشف ٢/ ١٢٦، النشر ٢/ ٣٢٨، البحر ٦/ ٣٦٨، الإتحاف ٢/ ٢٨٢. (٢) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٨، ٩، (٣) الرجز للمُسَيَّبِ بنِ زيدِ مَناةَ الغَنَوِيِّ، ونسب لطُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ، وليس في ديوانه. التخريج: الكتاب ١/ ٢٠٩، مجاز القرآن ١/ ٧٩، ٢/ ٤٤، ١٩٥، معاني القرآن للأخفش ص ٢٣٠، المقتضب ٢/ ١٧٠، معاني القرآن وإعرابه ١/ ٨٣، ٢/ ٧٤، ٤/ ٩، ٥/ ٩٣، جمهرة اللغة ص ١٠٤١، شرح أبيات سيبويه ١/ ١٤٥، المحتسب ١/ ٢٤٦، ٢/ ٨٧، البيان للأنباري ١/ ٥٢، ٢/ ٤٤٧، زاد المسير ٢/ ١٢٨، ٥/ ٤٠٨، ٨/ ١٠٣، عين المعاني ورقة ٨٧/ ب، تفسير القرطبي ١/ ١٩٠، اللسان: أمم سمع، شجا، عظم، مأى، نهر. (٤) هو مفعول مطلق من معنى العامل، قال النحاس: "لأن معنى أنشَأْناهُ: خلقناه". إعراب القرآن ٣/ ١١٢. (٥) قاله الأزهري في "التهذيب" ٧/ ٢٦، وينظر: اللسان: خلق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute