بذلك، وقالوا: قد ذَكَرَ محمدُ آلِهَتَنا بأحسنِ الذِّكْرِ، فأتاه جبريلُ فأَخْبره بما جرى من الغَلَط على لسانه، فاشتدَّ ذلك على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآيةَ (١).
{لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً}؛ أي: مِحنةً، واللام في قوله:{لِيَجْعَلَ} متعلِّقة بقوله: {أَلْقَى الشَّيْطَانُ}؛ أي: لِيجعلَ اللَّهُ (٢){مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}؛ أي: شكٌّ ونفاق {وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ (٥٣)} وهم الذين لا تَلينُ قلوبُهم بتوحيد اللَّه، {وَالْقَاسِيَةِ}: خفضٌ بالعطف على قوله: {لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، و {قُلُوبُهُمْ}: رَفْعٌ؛ لأنها فاعلٌ، تقديرُه: للذين قَسَت قلوبهم.
قوله تعالى:{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ}؛ أي: في شَكٍّ مِمّا أَلْقَى الشيطانُ على لسان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً}؛ أي: فَجْأةً، وهو نَصبٌ على الحال (٣)، ويجوزُ أن يكون نصبًا على المصدر.
(١) رواه الطبراني بسنده عن عثمان بن مظعون وابنِ عباس في المعجم الكبير ٩/ ٣٤، ١٢/ ٤٢، وينظر: شفاء الصدور ٧٠/ ب، ٧١/ أ، مجمع الزوائد ٧/ ١١٥، كتاب التفسير/ سورة النجم، أسباب النزول للسيوطي ص ٢٠٨، ٢٠٩. وهو حديث موضوع، لا يجوز في حق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنَّهُ معصوم، وقد تكلم العلماء في عدم جواز ذلك في حقه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ينظر: الشفا للقاضي عياض ٢/ ١٢٤: ١٣٣، زاد المسير ٥/ ٤٤١: ٤٤٣، القرطبي ١٢/ ٨١: ٨٦، تذكرة الموضوعات ص ٨٢. (٢) وقال ابن عطية: "اللام في قوله: {لِيَجْعَلَ} متعلقة بقوله: "فَيَنْسَخُ"، المحرر الوجيز ٤/ ١٢٩، وقال أبو حيان: "والظاهر أنها للتعليل"، البحر المحيط ٦/ ٣٥٣، وينظر: الدر المصون ٥/ ١٦٠. (٣) قاله المبرد فيما حكاه عنه النحاس في إعراب القرآن ٣/ ١٠٤.