وقيل: متغيِّرة. وأصل الهَمْدِ: الدُّرُوسُ، والهامد: الساكن الدارس، ونصب {هَامِدَةً} على الحال؛ لأنها من رؤية العين. وقوله:{فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ}؛ أي: تحركت بالنبات {وَرَبَتْ}؛ أي: ارتفعت وزادت، وقال المبرّد (١): أراد: اهتزَّ ورَبا نباتُها، فحذف المضافَ، والاهتزازُ في النبات أظهَر، يقال: اهتزَّ النبات: إذا طال {وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥)} يعني: من كلِّ صنفٍ حَسَن، والبهجة: حُسْنُ الشيءِ ونضارته، والبهيج: الحَسَنُ، وقد بَهُجَ بَهْجةً، ومنه قوله:{حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ}(٢)؛ أي: ذاتَ منظرٍ حسن.
قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ}؛ أي: في دين اللَّه {بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى} ليس معه من ربِّه رشادٌ ولا بيان {وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٨)}. نزلت هذه الآيةُ في النَّضر بن الحارث، كان كثيرَ الجدل، وهذا قول أكثر المفسِّرين، وقيل: نزلت في الوليد بن المُغيرة وعُتبةَ بن ربيعةَ، وهو قول ابن عبّاس رضي اللَّه عنه، والمعنى: أنه يجادلُ في قدرة اللَّه.
قوله تعالى: {ثَانِيَ عِطْفِهِ (٩)} يعني: النَّضرَ بن الحارث، يعني: مستكبِرًا نَفْسَهُ، تقول العرب: جاء فلانٌ ثانِيَ عِطْفِهِ؛ أي: متبخترًا لتَكَبُّرِهِ وعِزِّهِ (٣). والعِطْفُ: الجانب، وجَمْعه: أعطافٌ. ويقال (٤): ثنى عِطْفَهُ، ونَأَى بجانبه: إذا تَكَبَّرَ. وقيل: شامِخًا بأنفه، وقيل: لاويًا عنُقَه، وقيل: مُعْرِضًا عما يُدْعَى إليه من الكِبْرِ، وقيل: هو أن يُعرِض عن الحق، نظيرُها قوله تعالى:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا. . .} الآية (٥)، وقولُه - تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ
(١) ينظر قول المبرد في الوسيط للواحدي ٣/ ٢٦٠. (٢) النمل ٦٠. (٣) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٤٥. (٤) قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٣٦٨. (٥) لقمان ٧.