والحساب، قيل (١): نزلت فِي العاص بن وائل، وقيل (٢): في أبِي سفيان بن حَرْبٍ، كان يَنْحَرُ كُلَّ أُسْبُوع جَزُورينِ، فَأتاهُ يَتِيمٌ فَسَألَهُ شَيْئًا، فَقَرَعَهُ بِعَصاهُ، فأنزل اللَّه فيه: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}.
ويجوز أن يكون {أَرَأَيْتَ} من رؤية العين، فلا يكون في الكلام حَذْفٌ، وأن يكون من رؤية القلب، فيكون التقدير: أرَأيْتَ الذي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ بَعْدَما ظَهَرَ له من البَراهِينِ؟ ألَيْسَ مُسْتَحِقًّا عَذابَ اللَّه؟ (٣).
وقوله:{فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}؛ أي: يَدْفَعُهُ ويَزْجُرُهُ ويَظْلِمُهُ عن حَقِّهِ من ماله وَبِرِّهِ (٤)، والدَّعُّ: الدَّفْعُ بعنف وَجَفْوةٍ، وقرأ أبو رجاء:"يَدَعُ الْيَتِيمَ"(٥) مُخَففًا؛ أي: يَتْرُكُهُ، {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣)}؛ أي: لا يُطْعِمُهُ ولا يَأْمُرُ بِإطْعامِهِ؛ لأنه يُكَذِّبُ بالجزاء.
قوله: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤)} استئناف كلام، ثم وصفهم فقال: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)} والسّاهُونَ خَبَرُ {هُمْ}، والجملة صلة {الَّذِينَ}، والأصل: ساهِيُونَ، فاستثقلوا الضمة على الياء، فنقلوها إلَى الهاء
(١) قاله مقاتل والكلبي، ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٣٠٤، أسباب النزول ص ٣٠٦، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢١٠. (٢) قاله ابن جريج، ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٣٠٤، عين المعانِي ورقة ١٤٨/ ب. (٣) من أول قوله: "ويجوز أن يكون "أرأيت" من رؤية العين" نقله المؤلف عن النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٢٩٦، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٥٠٤، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢١٠. (٤) قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٥٩٧. (٥) وهي أيضًا، قراءة عَلِيِّ بنِ أبِي طالب والحسن واليمانِيِّ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٨١، البحر المحيط ٨/ ٥١٨.