في قراءة عبد اللَّه، وَفِي قراءة أُبَيٍّ:"بُحْثِرَ"(١)، و {بُعْثِرَ} و"بُحْثِرَ" واحدٌ (٢)، والألف في قوله:{أَفَلَا يَعْلَمُ} ألف توبيخ فِي لفظ الاستفهام، والمعنى: سَيَعْلَمُ الكافِرُ إذا بُعْثِرَ ما فِي القُبُورِ من المَوْتَى فَأُخْرِجَ ما فيها.
{وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ}؛ أي: جُمِعَ ما في صَحائِفِ الأعْمالِ، والتحصيل: تَمْيِيزُ ما يَحْصُلُ (٣)، والمعنى: مُيِّزَ وَبُيِّنَ ما في الصُّدُورِ من الخير والشر، وقرأ عُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ وَسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ:"وَحَصَلَ"(٤) بفتح الحاء وتخفيف الصاد أي: ظَهَرَ.
{إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ} يعني: يوم القيامة {لَخَبِيرٌ (١١)}؛ أي: عالِمٌ بِأعْمالِهِمْ خَيْرِها وَشَرِّها، وإنما جمع الكناية؛ لأن الإنسان اسم للجنس، قال الزَّجّاجُ (٥): اللَّهُ خَبِيرٌ بِهِمْ في ذلك اليومِ وفي غَيْرِهِ، ولكن المعنى: إنَّ اللَّهَ يُجازِيهِمْ على كُفْرِهِمْ في ذلك اليومِ.
(١) قرأ ابن مسعود والأسْوَدُ بنُ زيدٍ: "بُحِثَ"، وقرأ ابن مسعود وأُبَيٌّ: "بُحْثِرَ"، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٨٦، مختصر ابن خالويه ص ١٧٨ - ١٧٩، شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة ٢٦٩، البحر المحيط ٨/ ٥٠٢. (٢) و"بُحْثِرَ" لغة لبعض بني أسد، قال الفراء: "وسمعتُ بعض أعراب بني أسد، وقرأها فقال: "بُحْثِرَ"، وهما لغتان: بُحْثِرَ وَبُعْثِرَ". معانِي القرآن ٣/ ٢٨٦، وينظر: الإبدال لابن السكيت ص ٨٦، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٥٤، ياقوتة الصراط ص ٥٩١، تهذيب اللغة ٣/ ٣٥٩، ٣٦٠، الصحاح ٢/ ٥٨٦. (٣) قاله الخليل في العين ٣/ ١١٦، والأزهري في تهذيب اللغة ٤/ ٢٤١. (٤) وهي أيضًا، قراءة ابن يَعْمُرَ وَنَصْرِ بنِ عاصِمٍ، ينظر: شواذ القراءة ورقة ص ٢٦٩، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٦٣. (٥) معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٥٤.